في فلسطين وحتى تدخل التاريخ, لا تحتاج لأن تمتلك شركة مثل (تسلا).. لا تحتاج لأن تقوم بعمل موقع للتواصل الاجتماعي ومن ثم تطلقه للعالم, لا تحتاج أيضا لأن تقوم بعمل خلطة للدجاج تصبح فيما بعد عالمية وتنتشر فروع المطعم في كل الدول..
في فلسطين أيضا لا تحتاج لمشروع (ريادي) يتعلق بانتاج الأقراص المدمجة, ولا تحتاج لأن تطوف بعض العواصم وتكرم بجائزة (تافهة), ولا تحتاج لكاميرات تلفاز تطاردك وتنقل قصة النجاح التي أسستها وروجتها.. ولا تحتاج أيضا لأن تنتج بعض النكات (السمجة) على تطبيق (تك توك) وتصبح حديث المراهقين...في فلسطين التاريخ يختلف عن تاريخنا، والنجوم هناك ليست مثل النجوم لدينا.. حتى تدخل التاريخ في فلسطين, عليك أن تختار (20) دقيقة من كل عمرك الذي مضى, وتقاوم الاحتلال باسم القدس وباسم الشهداء وباسم الأرض وباسم التاريخ وباسم العروبة وباسم الدين, ثم تقرر الشهادة, أنت من تقررها.. بعد أن تزلزل الأرض.. وبعد أن تنظر للجبال الشاهقة وتبتسم...أمس كان العالم كله يتجه للقدس, تذكرت حين اطلق الأمريكان مكوك (ديسكفري) بعد توقف عن غزو الفضاء دام أعواما طويلة, تذكرت كيف اتجهت كل العدسات في العالم للمكوك.. وقد قيل يومها أن كلفة المكوك والبرنامج بلغت (100) مليار دولار, بالمقابل في القدس تتجه كل العدسات هناك.. وبدون كلفة, عندما يطلق الشعب الفلسطيني للفضاء شهيدا.. وللعلم الفلسطيني لا يصعد للسماء الأولى أو لقشرة الأرض, بل يصعد لعليين لمدى أعلى بكثير مما يصله المكوك.. والفلسطيني لا يقدم أبحاثا علمية, بل يقدم دروسا للتاريخ ومناهج خالدة... يقدم أيضا البسالة والفداء والكرامة, كحالات واقعية وليس كمفاهيم معنوية فقط.حسنا اسرائيل انتجت (الميركافا) الدبابة الأفضل في العالم, انتجت القبة الصاروخية.. الأقوى في العالم, انتجت اعتى القنابل النووية, طورت (الاف 16)... أنتجت أهم نظام استطلاع في العالم عبر الطائرات المسيرة, انتجت أهم قمر اتصالات وتجسس (عاموس).. انتجت افضل بنادق القنص, وأفضل قنابل فسفورية.. انتجت أول أسلحة موجهة بالليزر, انتجت أفضل أنظمة تشويش على الاتصالات... بالمقابل الفلسطيني انتج أرحاما تنجب ابطالاً يعشقون فلسطين.. القصة ليست في التكنولوجيا وليست في حجم الإنتاج, القصة في الأرحام الفلسطينية.. والقصة في الإيمان, والقصة في الحليب الذي يرضعه الفلسطيني, والقصة في الإرادة... إسرائيل لا تجيد انتاج الأرحام ولا تجيد انتاج الإيمان.. ولا تعرف معنى أن يذكر اسم الله على الوليد بعد كل رضعة من صدر أمه, ولا تعرف معنى الإيمان بفلسطين وطنا عزيزا يستحق الدم ويستحق الشهادة.لهذا حتما ستهزم... حتما ستهزم لأن الفارق يبقى كبيرا, بين من يدخل التاريخ بكل كبرياء الدنيا وبين من يحاول شطب التاريخ.Abdelhadi18@yahoo.com