كلمة » الفساد» أصبحت كما العلكة في أفواه البعض فيتحدثون بها دون اي معلومات، فيذهبون بها شمالا ويرجعون بها جنوبا ويرمون بها شرقا ليتلقفوها غربا دونما اي دليل موثوق، مكتفين بالتعميم أسلوبا لبث سمومهم بهدف اثارة الرأي العام والاساءة الى الوطن واقتصاده، وكل هذا للحصول على شعبويات رخيصة وتحقيق مآرب عفنة، ومن جديد طلوا علينا بأحاديث عن الفساد العمومي بحثا عن «ترند» على منصات السوشال ميديا.
حاليا اصبحنا نسمع هذه الكلمة كثيرا وفي اغلب الاماكن التي نجلس بها وحتى عبر منصات السوشال ميديا وكذلك في مجلس النواب، وعندما تسألهم اين الفساد ومن هو الفاسد يتلعثمون ويبدأون بكيل العموميات ويطلقون عبارات وحججا لعدم الرد ومن ابرزها عبارة «خلينا ساكتين أحسن» «اللي بدري بدري واللي ما بدري بقول كف عدس» و"الحيطان الها اذان» «وواحد مهم قالي ما بقدر اقول اسمه» وغيرها الكثير من العبارات والتي هدفها تسطيح الحديث وترك الباب مفتوحا للاستفهام والاستفسار والتشكيك والهمز واللمز من قبل العامة والذين يسمعون لهم، معتمدين على ان العامة يصدقونهم بعدما ان روجوا لانفسهم بانهم اكثر حرصا وغيرة وخوفا على الوطن وهم عكس ذلك تماما.الحديث عن الفساد بهذه الصورة وبهذا العموم غير المحدد والموثوق، يسيء للوطن وسمعته على المستوى الدولي وامام المانحين والدول التي تقدم المساعدات وكذلك الراغبين بالاستثمار في المملكة، الامر الذي سيؤثر على اقتصادنا وبشكل كبير ويؤثر على مشاريعنا وخططنا المستقبلية والاهم من كل هذا انه يسىء الى سمعة الاردنيين في كل مكان وفي اي دولة يقصدونها وخاصة عندما يصورون على انهم جاءوا وعاشوا في وطن يعج بالفساد والمفسدين، بينما الحقيقة تتحدث على اننا من اقل الدول في العالم فسادا باستثناء هذا الفساد الوهمي الذي يتحدث به الحاقدون واصحاب الاجندات الخاصة السوداء.في الحقيقة الفساد نوعان، النوع الاول هو «الفساد المثبت» بالوثائق والاثباتات وهذا ما يتم رصده من قبل مختلف اجهزة الدولة ولعل ابرزها «ديوان المحاسبة» وكذلك «هيئة مكافحة الفساد» ويعتمدان باجراءاتهما بمكافحة الفساد ورصده باستخدام الوسائل القانونية المحكمة وهذا ما يتضح من خلال الاف المخالفات التي يتم رصدها ومتابعتها في تقرير ديوان المحاسبة وكذلك الكثير من القضايا التي تتابعها هيئة مكافحة الفساد وتحيلها الى القضاء الاردني والذي يشهد على نزاهته العالم اجمع بالاضافة الى اننا شهدنا خلال السنوات الماضية على احالة الكثير من بعض من كانوا في مناصب ومسؤوليات امام القضاء بتهم فساد، واما النوع الآخر وهو «الفساد الوهمي» والذي يحاول بعض من الحاقدين والسوداوين اشاعته في المجتمع ليظهر ان الدولة بكل ما فيها فاسدة، ومع ذلك هم مطالبون ايضا باثباته وتوجيه الجهات اليه لرصده وضبطه والخروج من عباءة الكلام لمجرد الشعبوية والترند.الاستمرار في استخدام واشاعة كلمة الفساد على سبيل الثرثرة فقط سيضر بالوطن ومواطنيه، وتكونوا بذلك تفسدون ومفسدين اكثر من الفساد نفسه الذي تتحدثون عنه، فالوطن لا يطلب منكم ان تحاربوا الفساد بافساد صورته وصورة المواطنين امام العالم، فاما ان تدلوا المعنيين على مكان هذا الفساد ومفسديه وتكونوا بذلك أكثر إيجابية، أو أن تكفوا عن ثرثرتكم على حساب الوطن وسمعته.
أين 'الفساد' ومن هم الفاسدون؟
مدار الساعة (الرأي) ـ