منذ أول أمس/الإثنين بدأت الولايات المتحدة ودولة العدو الصهيوني, مناورات عسكرية ضخمة حملت الإسم الكودي «سنديان البازلت Juniper Oak», قيل في وصفها إنها الأكبر والأهم على الإطلاق, وأنها سـتكون «مُحاكاة لهجوم مُشترَك شامل على إيران», تُشارك فيه أسلحة بحرية وجوية وبرية وفضائية وإلكترونية, من بين 142طائرة ستكون قاذفات يمكنها حمل أسلحة نووية, بعضها من طراز 52ـــ B وF35على متن حاملة الطائرات جورج بوش.
توقيت المناورة لم يكن صدفة أو تم اختياره عبثاً, في ظل ظروف دولية وإقليمية مُحتقنة ومفتوحة الإحتمالات, خاصة بعد أن تمّ «دفن» الاتفاق النووي الإيراني (وإن بشكل غير مُعلن اللهم في بعض التصريحات الأميركية مفادها أن إحياء ذلك الاتفاق لم يعد مطروحاً على جدول أعمال إدارة بايدن)، ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كانت تدريبات ضخمة كهذه تستهدف إيران وحدها؟ أم أنها تنطوي على رسائل عديدة في أكثر من اتجاه من بينها إضافة إلى إيران بالطبع، روسيا التي تستعد لهجوم عسكري شامل في أوكرانيا على أكثر من جبهة في الربيع الوشيك؟ أم خصوصاً?للصين التي يستعد رئيس الدبلوماسية الأميركية/بلينكن لزيارتها في الأسبوع الأول من شباط القريب، ناهيك عن دول المنطقة العربية التي يصعب تجاهل التوتر (النِسبي دائماً) الذي يشوب علاقاتها بإدارة بايدن لأسباب خاصة ببعض الدول, وخصوصاً البرود الذي تتعامل فيه الإدارة الأميركية مع العربدة الإسرائيلية التي تتجلي في الخطوات والقرارات التي بدأ فيها الائتلاف الفاشي الحاكم في إسرائيل باتخاذها في الضفة الغربية المحتلة, على نحو تستكمِل فيه حكومة نتنياهو ضمّ كامل المنطقة/ج، رغم الزيارة التي سيبدأها بلينكن لإسرائيل وسلطة رام ا?له يوم الاثنين المقبل.وسائل الإعلام الصهيونية تحدثت بالتفصيل عن المهمات والسيناريوهات التي سيتمّ تطبيقها في المناورة الأميركية/الإسرائيلية المشتركة, ومن بينها تدريب قوات البلدين على سيناريوهات هجوم على إيران يتضمن اختراق أراضي دولة مُعادية, والتغلّب على أنظمة الدفاع الجوي وتدمير الأهداف المحمية تحت الأرض». ما أعاد إلى الأذهان أن المناورات التي بدأت الاثنين الماضي, لم تكن الأولى بل هي تحمل الرقم 3 التي تُجري فيها القوات الجوية لهما, تدريبات تُحاكي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية, على ما قالت ولفتت صحيفة يديعوت أحرونوت, خاصة?في ذِكر عدد الجنود الأميركيين الذين سيشاركون في المناورة البرية (6400) جندي، يتواجد منهم في إسرائيل 450 جندياً أما الباقي فهم على متن حاملة الطائرات جورج بوش..من السذاجة الاعتقاد بأنّ مناورة ضخمة كهذه سيتم فيها إطلاق «180» ألف رطل من الذخيرة الحيّة, أثناء محاكاة الدفاعات الجوية والاعتراض الجوي «الاستراتيجي» والهجوم الإلكتروني، مُوجّه ضد إيران وحدها, بل هما «تتحوّطان» لاحتمال حدوث تدخّل خارجي روسي أو صيني (كفرضية أو احتمال). وإلا لماذا الإعتراض الجوّي الاستراتيجي وضد مَن؟ كون إيران لا تتوفّر على سلاح جوّي مُتطوِّر, فضلاً عن افتقارها لقاذفات استراتيجية قادرة على حمل أسلحة نووية من الطرازين الأميركي أو الروسي، ناهيك ان مسؤولاً أميركياً كبيراًقال لشبكة الإخبارية الأ?يركية NBC NEWS أنّ «تمريناً بهذا الحجم يستغرق عادة عاماً أو أكثر من التخطيط، لكن - أضاف - هذا التمرين تمّ التخطيط له في غضون أشهر، ليس بسبب تهديد وشيك، ولكن - واصلَ - بسبب وجود ظروف ملائمة».ما يستدعي التساؤل عن الظروف الملائمة هذه؟.أهي تداعيات واستحقاقات الحرب الأوكرانية وانشغال روسيا بها؟ أم خصوصاً لضرب أكثر من عصفور بحجر أميركي/إسرائيلي واحد، أولهما تدمير المنشآت النووية الإيرانية والثاني قطع الطريق وإفشال بروز المحور الثلاثي.. الصيني - الإيراني - الروسي, الآخذ بالتشكّل والبروز؟ أم ثالث تلك العصافير المُستهدَفة إرسال رسالة لـ«العرب» بأنّ أميركا لم تُغادر المنطقة ولا تنوي مُغادرتها, وخصوصاً أن تحالفها مع إسرائيل دائم وأبدي وغير قابل للنقاش أو التفاوض؟.في السطر الأخير.. المسؤول العسكري الأميركي الكبير لخّص للشبكة الأميركية سالفة الذكر, ما أرادت إدارة بايدن إرساله من رسائل لكل من يهمه الأمر في «العالم».. بأنها قادرة على العمل في أماكن مختلفة من المعمورة في وقت واحد، قائلاً: ان هذا التمرين (يقصد التدريبات العسكرية الأميركية/الإسرائيلية الراهنة التي تنتهي يوم بعد غد الجمعة) «يُظهِر أن بإمكاننا المَشي ومَضغ العلكة في الوقت نفسه، مُشيراً إلى التركيز على الصين, وحوالي 100000 من القوات في أوروبا لدعم الناتو وأوكرانيا». في حين لم يتردّد المسؤول العسكري نفسه من ا?زعم, بانّ هذه التدريبات «ليست مُوجّهة ضد دولة مُعينة، لكن - أضاف - الخصوم الإقليميين مثل إيران سيستخلِصون العِبر»..فـَ«على مَن يتلو التحالف الصهيو ــ أميركي.. مَزاميره»؟.kharroub@jpf.com.jo