أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

أبو صعيليك يكتب: النواب في بغداد


د. خير أبوصعيليك

أبو صعيليك يكتب: النواب في بغداد

مدار الساعة ـ
اختتم رئيس مجلس النواب والوفد النيابي المرافق زيارة مهمة للعاصمة العراقية بغداد جاءت عقب اقل من شهر على اختتام اعمال قمة بغداد الثانية التي عقدت في منطقة البحر الميت.
صحيح أن هذه الزيارة هي الثالثة التي يقوم بها النواب خلال السنوات الاربع الاخيرة، ولكنها جاءت مختلفة من حيث الشكل والمضمون، فقد وسع النواب لقاءاتهم مع الكتل البرلمانية والتيارات السياسية وعقدوا لذلك قرابة العشرين اجتماعا مهما، كما أن المضمون مختلف من حيث الوضوح والصراحة فلم يعد الغزل السياسي بين البلدين كافيا اذا لم يترجم الى تعاون حقيقي على المستوى الاقتصادي، فالملفات الاقتصادية متفق عليها ومذكرات التفاهم والاتفاقيات الاطارية موقع عليها غير ان التنفيذ معلق.حكومة السيد محمد شياع السوداني التي تشكلت عقب مخاض عسير أفصحت وبشكل اساسي انها تستهدف احراز تقدم في ملفي الإعمار والخدمات، وهو ما عبر عنه صراحة رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي في تغريدة منشورة على تويتر، ويبدو أن هذا المضمون متفق عليه مع قيادات الاطار التنسيقي وخاصة السيدين قيس الخزعلي وهادي العامري اللذين أكدا على ذات السياق، هذه الارضية كانت مهمة لبدء حوار جاد وصريح للوقوف على الاسباب الحقيقية لبطء التنفيذ في ملفات خط النفط، والمنطقة الاقتصادية والربط الكهربائي.الحوار بخصوص انبوب النفط العراقي من الموصل مرورا بالزرقاء وصولا الى العقبة ليس جديدا، فقد بدأ منذ العام 1984 ومر بعدة عقبات تمت معالجتها، فالكلفة انخفضت دون الثمانية مليارات بسبب تقريب مسار الخط الى خط الكهرباء الأردني، كما ان نموذج التمويل تم تغييره من BOT ليصبح EPC ، بالإضافة الى تحديث دراسات الجدوى التي اثبتت بالفعل ان الوفورات التي ستتحقق للجانب العراقي مجدية، ما يعني ان فترة استرجاع رأس المال ستكون مقبولة ومعقولة، يضاف الى ذلك تعزيز استراتيجة تدفق النفط العراقي لمصر واوروبا في ظل تغيير استراتيجية التزويد الروسي التي تحولت نحو بيع النفط الى الصين والهند.أما المنطقة الاقتصادية المزمع إقامتها على الحد الصفري بين البلدين، فقد خصص لها مجلس الوزراء العراقي الارض المتفق عليها من طرفه بعد ان سبقه الجانب الأردني بأكثر من سنة في هذه الخطوة تمهيدا للخطوة التالية المتمثلة بتأهيل المطورين وحسم آلية تزويد المنطقة بالكهرباء، غير أن وتيرة التقدم بطيئة للغاية. ومن الواضح أن مشروع الربط الكهربائي بين البلدين هو الأقرب للتنفيذ رغم ان القدرة الكهربائية موضوع البحث متواضعة.حقاً لقد أبدع النواب الأردنيون من خلال اجتماعات نوعية ومكثفة على مدار أيام ثلاثة في شرح جدوى مشاريع التعاون المشترك وقدموا مقاربات علمية وافية حول المنافع المتحصلة للبلدين على مبدأ (رابح – رابح)، وهو ما أكده الجانب النيابي العراقي ايضا حيث إن الفوائد الاقتصادية المتحققة له ستكون مرتفعة وخاصة في خلق المزيد من فرص العمل في ظل شكاوى المواطن من سوء الاوضاع المعيشية والخدمية رغم ارتفاع عوائد النفط، إلا أن حجم التأييد الشعبي لهذه المشاريع يبدو ضعيفا، فهناك مشكلة في تعاطي الإعلام العراقي ووسائل التواصل تجاه تفسير اهمية هذه المشاريع استراتيجيا وفنيا، الامر الذي يعني ضرورة ايضاح الحقيقة امام الرأي العام، فالأردن لا يأخذ النفط العراقي مثلا مجانا كما يشاع والصحيح ان الأردن يشتري النفط بالسعر العالمي مخصوما منه 16 دولارا تمثل فرق النقل وفرق العمليات الاضافية في التكرير اذا ما قورنت مع المصادر الاخرى، مثل هذه المعلومات غير الواقعية بحاجة الى توضيح شفاف مبني على حقائق ومعلومات واضحة.وهنا خلص النواب من الطرفين لتشكيل لجنة مشتركة من المجلسين لدفع العمل والتقدم في هذه الملفات بالتعاون مع كافة الشركاء السياسيين من جميع التيارات والكتل السياسية العراقية بهدف كسب التأييد الشعبي لدعم قرارات الحكومتين تجاه هذه المشاريع ويشمل ذلك الانتقال من المستوى السياسي النيابي الى مستويات الوفود التجارية والصناعية والمقاولين وجمعيات رجال الاعمال ضمن تغطية اعلامية مؤثرة.حسن النية موجود من الطرفين، والكل يتكئ على القواسم المشتركة والكل ايضا يتفهم ان وجهات النظر تجاه كافة القضايا متقاربة ولكنها ليست بالضرورة ان تكون متطابقة وهذه سمة الحياة، فالعراق بلد مستقل ذو سيادة له مصالحة وتحالفاته التي نحترمها ولا نتدخل بها كما أنه يمتلك آلية ديمقراطية لاتخاذ القرار وفي المقابل فإن المملكة الأردنية الهاشمية تتعامل مع العراق بشكل استراتيجي كدولة بغض النظر عن الأشخاص، وتنأى المملكة دائما عن نفسها أن تتدخل في شأن أي دولة مثلما نطلب من الآخرين عدم التدخل في شأننا الداخلي. بالنتيجة فإن الأرضية اليوم ممهدة اكثر من اي وقت مضى لصياغة مشروع تكامل اقليمي بين الجارين الأردن والعراق يقوم على المنفعة المتبادلة وبما يحقق طموحات الشعبين الشقيقين في تكامل اقتصادي يكون نواة لتعاون اكبر يشمل الاشقاء في مصر وسورية ولبنان.الغد
مدار الساعة ـ