بشكل مبسط ودون اللجوء إلى الفلسفات العديدة يمكن تعريف المسلمة بأنها عبارةً صحيحةً او شيء حقيقي نراه باعيننا المجردة او بواسطة التليسكوبات او الإلكتروماسكوبات او وسائل أخرى دون الحاجة لأي برهانٍ أو إثباتٍ ويتفق على صحتها كل المختصين، أمثلة عليها: المجرات والنجوم والفيروسات ... إلخ. يمكن رسم خط مستقيم من أي نقطة إلى أي نقطة أخرى، الخط المستقيم لا نهاية له، من نقطة معلومة يمكن رسم قوس دائرة واحدة، كل الزوايا القائمة متطابقة.من نقطة معلومة، يمكن رسم مستقيم واحد يوازي مستقيم معلوم ... إلخ. فالمسلمة بإختصار هي الشيء الحقيقي أو القاعدة أو المفهوم أو المبدأ البسيط السهل والثابت والواضحة والبديهية بحد ذاتها، والذي يمكن عرضه دون الحاجة الى إثبات. بينما تكون النظرية او الفرضية موضوع بحثٍ ولا يبت بصحتها حتى يقدم لها برهان منطقي وعلمي سليم. تلعب المسلمات دورًا كبيرا في بداية وتأسيس العلوم، في حين تأتي الفرضيات والنظريات لاحقًا. وقد علم الله سيدنا آدم عليه السلام الأسماء كلها وهذه أمثلة على المسلمات التي لا تحتاج إلى بحث وبرهان علمي ومنطقي. وأما أمثلة على النظريات والفرضيات التي تركها لآدم وذريته من بعده ليبحثوا وليبرهنوا على صحتها منطقيا وعلميا مثل: طلب سيدنا آدم عليه السلام من إبنيه قابيل وهابيل تقديم قزبانا لله كل حسب ما يزتأيه مناسبا ومما رزقه الله والتحقق فيما بعد من تقبل الله قربانه. وقد تبين بعد تقديم القربانين، ان الله لا يقبل إلا الافضل فتقبل الله قربان هابيل وهو افضل كبش املح مما رزقه الله من الاغنام لأنه كان راعيا. ولم يتقبل الله قربان قابيل وقد كان اسوا حزمة قمح إختارها بيديه وكان بإمكانه ان بقدم أفضل حزمة قمح مما رزقه الله من سنابل القمح لانه كان مزارعا.
ونضرب أمثلة أخرى من القرآن الكريم على المسلمات والفرضيات ويتجلى ذلك في الآيات التالية (وَكَذَلِكَ نُرِيۤ إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ، (الانعام: 7))، فقد أرى الله نبينا إبراهيم عليه السلام ملكوت السموات والأرض وهي مسلمات لا تحتاج إلى بحث وبرهان منطقي وعلمي للتحقق من وجودها. (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ (الأنعام: 76))، فالمسلمة هنا هو الكوكب الموجود حقيقة ولكن بسبب حركته وحركة الكون غاب عن نظره وقد كان سيدنا إبراهيم قد إفترض انه ربه لانه كان يبحث عن رب ملكوت السموات الأرض فلما أفل قال لا احب الآفلين بمعنى أنه لا يحق ان يكون ربا فاسقط هذه الفرضية. (فَلَمَّآ رَأَى ٱلْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ (الأنفال: 77))، فلما رأى القمر إفترض ان يكون القمر ربه لكن عندما غاب وإختفى عن نظره أسقط أيضا هذه ادفرضيه الثانية وقال لئن لم يهدن رب هذا الملكوت إليه لأكونن من الضالين. (فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (الانعام: 78)). فلما راى الشمس إفترض ان تكون ربه لأنها اكبرهم فلما غابت عن نظره أسقطها ايضا من فرضيته وقال لقومه إني بريء من فرضياتكم ونظرياتكم وهي عبادتكم للاصنام كآلهة لكم. وقال:(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفًا وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِين (الأنعام: 79)).أخذ بكل تلك المسلمات وسلم نفسه لخالق هذه الاشياء كلها وتحقق بأن ربه هوخالق تلك الأشياء كلها في ملكوت السموات والأرض وهو الله سبحانه وتعالى عما يصفون. فنحن كَمسلمبن علينا أن نكون كما ذكر الله عنا في كتابه العزير (ألم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (البقرة: 1- 5)). ومن هذه الآيات وغيرها وضع الله لنا أسس وقواعد وأعمدة ديننا الإسلام الحنيف الراسخة.
الفرق بين المسلمات والفرضيات أو النظريات
مدار الساعة ـ