لقد فضل الله بعضنا على بعض في خلقه لنا من حيث المواصفات الخلقية والخلقية لعقولنا وأجسادنا وقوة إيماننا به. وفضل أيضا بعضنا على بعض في مقدار فهمنا وإستيعابنا لما انزل الله إلينا من كتب سماوية عن طريق رسله وانبيائه (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الحج: 46, الأنعام: 165، )). وقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، رواه مسلم. وقد قيض الله لكل إنسان قرين من الجن غير مسلم يدعوه إلى القيام بأعمال الشر دائما وابدا. والقرناء على مستويات في قدراتهم على إغوائهم للإنس للقيام بأعمال الشر. فالقرين هو نفر من الجن يلازم الإنسان ويحاول إضلاله وإغوائه ليحيد عن الصراط المستقيم. وقد ذكر القرين في القرآن الكريم (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (الزخرف:36)). كما ورد القرين على لسان سيد الخلق وأطهرهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وبناء على ذلك فالقرين هو حقيقة لا مجال للشك فيها (قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِى ضَلَٰلٍ بَعِيدٍۢ (ق: 27)).
فالمعيار الأول الذي ينظر إليه هو العقل، فإن كانت المشكلة في عقل الإنسان، اي لا يعقل الإنسان او الشخص المعني أمور حياته ولا يستطيع أن يميز بين الحق والباطل وبين الصح والخطأ وبين المعقول وغير المعقول والمنطقي وغير المنطقي... إلخ. فمن الصعب جدا إقناع هذا النوع من الأشخاص ذكرا كان ام انثى بكل ما ذكر، والنجاح في إصلاحهم وهدايتهم إلى طريق الصواب (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44)). وإن كان العقل سليما نوعا ما فينظر إلى المعيار الثاني وهو الدين. فإن كان دين الإنسان قوي وراسخ ومبني على تدبر كتاب الله القرآن الكريم فمن السهل جدا إقناع هذا النوع من الأشخاص بوضع مخافة الله في تعامله مع الآخرين في مراعاَة عدم التجسس والظن السيء وحفظ لسانه عن الأخطاء وعن الغيبة والنميمة وإلحاق الأذى والضرر... إلخ بالآخرين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (الحجرات: 12)). وإن كان العقل سليما والدين قويا ننظر إلى المعيار الثالث وهو قرين الإنسان، فإن كان قرين الإنسان من الجن الأقوياء فمهما يحاول الإنسان أن يتحكم في تصرفاته إلا أن قرينه يدفعه إلى التسرع والعصبية والخطأ في حق الآخرين ولكن يعود بسرعة إلى صوابه بفعل العقل والدين ويعتذر من كل من أخطأ بحقهم. وما على هذا النوع من الناس إلا أن يستمر في الدعاء إلى الله أن يجعل قرينه مسلما وان لا يكل ولا يمل من الدعاء لعل الله يستجيب لدعائه كما إستجاب لدعاء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وجعل قرينه مسلما يأمره بالخير ويمنعه من الشر.
العقل والدين وقرين السوء معايير التحكم في تصرفات الاشخاص
مدار الساعة ـ