هناك عدة دوافع قد تؤدي بالإنسان للاحتجاج، ولكن في أحيان كثيرة يتحول الخروج في تظاهرة سلمية إلى عنف قد يعرض شخصاً للخطر أو الاعتقال، فهناك عدة عوامل تلعب دوراً في تحويل المحتج سلمياً الى العنف..
سأستعرض لكم في هذا المقال آراءً وأبحاثاً لمختصين قد تكشف بعض هذه الأسباب أبدؤها بموقع "ذا مارشال بروجيكت" الذي نشر نتائج ثلاث دراسات بحثية اجريت على مدار ٥٠ عاماً، ذكرت أن حضور الشرطة بأسلحتهم وقيامهم باعتقالات لعدد من المحتجين يمكن أن يأتي بنتائج عكسية، ووصف قائد سابق للشرطة في مدينة نيو جيرسي الأمريكية رد الفعل المبدئي لحظة حضور الشرطة بأنه يؤدي الى ارتفاع هرمون الخطر " الأدرينالين" في جسم الانسان، ويمكن أن يؤدي هذا كله لحدوث المقاومة بالعنف الذي هو بالأصل ما أرادوا تجنب حدوثه. وهناك نقطة مهمة فسرتها دراسة بحثت في نفسيات الجموع في جمعية الدراسات السيكولوجية الأمريكية وجدت بأن من يحتج يتحول الى العنف في حال شعوره بأن السلطة غير أخلاقية سبب استخدامها "البطش" بدلاً من القوة العادية والامن الناعم، وهو ما قد يؤدي الى أن تبرر الجموع لنفسها اللجوء للعنف بالرغم من ادراكهم بأن الأمور من الممكن أن تنقلب ضدهم.وأورد موقع " ذا كونفيرزيشن" تعليقات لمراقبين أمريكيين حول ظاهرة الشغب عموماً، أشاروا الى أن العنف ينبع كذلك من شعور المحتجين العميق باليأس وعدم القدرة على التغيير، وأيدت هذه الآراء أبحاث في علم النفس المجتمعي ذكرت بأنه عندما يشعر المحتجون بأن مطالبهم لا تلقى استجابة من السلطات، فذلك ما يولد الشعور بالغضب الشديد والعجز أمام واقع لا يتغير أبداً، فيضطرهم ذلك للجوء للعنف.وهناك سبب أخير كشفه بحث علمي أجراه معهد تابع لجامعة " يو أس سي" الأمريكية قال أن الناس يمارسون العنف إذا ما اقنعوا أنفسهم بأن الهدف الذي دفعهم للاحتجاج بالأساس هو هدف "أخلاقي"، وفي الحقيقة كم من قضية عادلة شوهها استخدام العنف كوسيلة للفت الأنظار اليها، وهنا عادة ما يكون لتجييش السياسي أو العقائدي أو الأيديولوجي دورٌ في ذلك، بما يضفي عليها بُعد القداسة التي تسمح بنسيان الضوابط المدنية والدستورية المتفق عليها للتعايش، فليس معنى أن قضيتك عادلة فإنها تبيح لك تجاوز القوانين المتفق عليها دولياً أو داخل حدود الدولة التي تعيش فيها ضمن الدستور، بل إن تاريخ الاحتجاجات يحفل بكثير من الأمثلة على أن السلمية أشد حسماً من العنف.برأيي هناك عدة أسباب تسهم في انحراف الاحتجاجات السلمية واتجاهها نحو العنف، بل أن هناك من يسعى بالخفاء لإدارة المحتج وتسييره كيفما يشاء، خاصة الشريحة النصف مثقفة التي تظن ان العنف والتخريب هو النصر المنتظر.