أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

كيف بسط عبدالسلام المجالي هيبته على المكان.. صبري ربيحات يستذكر الراحل

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,الخدمات الطبية الملكية,وزارة التربية والتعليم,القوات المسلحة
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - كتب: الوزير السابق الدكتور صبري ربيحات
ليس من السهل على الأردنيين او على أيّ منا نحن الذين سنحت لنا الظروف ان نعرف السياسي المفكر الجنرال الطبيب المربي الاكاديمي الشيخ العربي الاردني الكركي الانسان عبدالسلام عطالله المجالي ان نمر على هذه المناسبة دون أن تجتاحنا العبرات ونحن نسترجع ذكرياتنا ومشاهداتنا وشذرات من الروايات التي سمعناها عن اخلاق وانسانية وجدارة الرجل الذي خدم مجتمعه وأمته ووطنه عبر ما يزيد على تسعة عقود من الزمان بكفاءة وأمانة واخلاص.
لا اظن ان أحدا عرف الدكتور عبدالسلام المجالي ولم يضمر له الود ويحمل له الاحترام؛ فقد كان ابو سامر مدرسة في الخلق والنزاهة والصدق وشكل عبر مسيرته التي امتدت بموازاة تاريخ المملكة نموذجا في الإدارة والسماحة والنبل...
وراء الملامح الوقورة الجادة لدولة الدكتور المجالي يقبع انسان مخلص جاد لا يثنيه شيء عن قول الحق او الاعتراف بالخطأ او الوقوف الى جانب صاحب مظلمة او طالب حق. فقد كان يدرك بساطة الإنسان الاردني وتعقيدات البناء الاجتماعي وطبيعة المخاطر التي تتربص بنا وأهمية الوصول الى حالة من الاندماج التي تسعفنا على تجاوز الأصوات التي تسعى لنفث أنفاس الاستقطاب والحث على التشظي والتشرذم.في رحلة العمل الطويلة طاف عبدالسلام المجالي على المؤسسات الاردنية فمنحها من خبرته وخلقه وسمته وعطائه..... فما ان تخرج من كلية الطب في اربعينيات القرن الماضي حتى التحق بالقوات المسلحة كطبيب في الخدمات الطبية الملكية وتنقل بين الوحدات والمراكز متشربا للروح العسكرية ومستلهما كل ما فيها من جدية وتفان وانضباط.ما ان أنهى عمله في الخدمات الطبية حتى التحق بالحكومة وزيرا للصحة في اكثر من تشكيل قبل ان يتولى رئاسة الجامعة الاردنية ورعاية خططها وبرامجها لتصبح احدى اهم الصروح العلمية في الشرق العربي وبيتا من بيوت الخبرة التي رفدت الجامعات والمؤسسات العربية بالاساليب والتجارب الواعية.لعبدالسلام المجالي نهج واسلوب وجاذبية لا يعرفها إلا من عمل بمعيته او قادته الظروف ليكون قريبا منه... في الفترات التي تولى فيها وزارة التربية والتعليم ترك الكثير من الأثر الايجابي في نفوس المدراء والكوادر الذين اشغلوا المواقع الرئيسة في عهده. العشرات من المدراء الذين هابوا حضوره استمتعوا بتوجيهاته وابويته وحكمته فظلوا يتذكرون تلك الأيام التي اعتبروها الاجمل في مسيرتهم العملية.خلال دراستنا الجامعية الأولى في منتصف السبعينيات كان الدكتور المجالي رئيسا للجامعة الاردنية وبالرغم من انشغالاته كان يحرص على ان يكون بين الطلبة. تارة في قاعات الصفوف واخرى في شوارع وممرات الجامعة وكثيرا ما لمحناه في قاعة طعام الطلبة ينتقي الأطباق بنفسه ويسير أمامنا في طابور الاكل الطويل ليعير للطلبة والمرافق الجامعية اهتماما منحها مستوى من النظافة والجودة دون أن يقول كلمة واحدة او ينتقد العاملين.. فقد كان الجميع يخمن حول الانطباعات التي يمكن ان يكون خرج بها.نعم لقد بسط عبدالسلام المجالي هيبته على المكان فكان نجم المكان والزمان....أثناء تولي الدكتور المجالي رئاسة الحكومة في منتصف التسعينات كان واضحا وصارما وصادقا وعادلا فقد رفض ان يجري مساومات مع النواب حول الثقة وكان رده على كل الذين اعتادوا على ذلك بأن لا مجال للمزايدة حتى وان لم تحظ الحكومة بثقة المجلس فالجميع صاحب حق في قول ما يرى... وفي تلك المناسبة كانت الثقة بالحكومة تشبه الثقة التي تعطى لها في الديمقراطيات الراسخة.خلال الأعوام التي تلت تقاعده من العمل العام امضى الراحل أيامه في رئاسة جمعية الشؤون الدولية بصحبة صديقه الباشا فاضل علي واصحاب المعالي الدكتور سعيد التل والدكتور عزت جرادات والدكتور عبدالله عويدات والدكتور ابراهيم بدران والصديق الدكتور أحمد البطاح وآخرون من الذوات الذين نحترمها ونقدرهم.قبل أعوام كان لي شرف تلبية دعوة جمعية الشؤون الدولية للتحدث على منبرها حول "الفوضى الخلاقة كاستراتيجية أمريكية للتعامل مع العالم العربي".... في تلك المناسبة التي حضرها العشرات من اهل الفكر والسياسة سعدت واسرتي بالحديث مع دولته وقد تحدثنا قبيل المحاضرة وبعدها عن بعض هموم مجتمعنا وعبرت له عن مقدار الاحترام والتقدير الذي أحمله انا وغيري لدولته للاثر الكبير الذي تركه في نفوسنا كطلبة جامعة اردنية تلك الصفة التي يشترك فيها كل من عمل معه واشرت الى كثافة عدد رجالات التربية في الجمعية كمؤشر على الحب والتعلق والاحترام لشخص الدكتور المجالي...اليوم يخسر الاردن والإنسانية برحيل عبدالسلام المجالي رجلا من البناة الذين اعطوا وقدموا وعلموا وضحوا دون أن يمنوا او يتذمروا. وتخسر الكرك عميدها وشيخا من الشيوخ الذين عاصروا الاردن منذ السنوات الأولى ولم يفقدوا يوما الامل في أن يروا الاردن كما نحب جميعا..برحيل الشيخ عبدالسلام المجالي ندعو له بالرحمة ونعزي انجال الفقيد سامر وشادي وسوسن واهلنا ال المجالي الكرام واصدقاء المرحوم والكرك والطفيلة ومعان وسائر محافظات وأبناء الاردن فهو شخصية وطنية بحق.....
مدار الساعة ـ