حالة الاستخفاف والسخرية التي شهدناها عبر منصات التواصل الاجتماعي في التعاطي مع تغيير الفئات النقدية من قبل البنك المركزي وتحديدا فئة الدينار تعبر وبكل وضوح عن حجم السطحية التي يعاني منها البعض، فالدينار ليس صورة رغم رمزية الصورة ولا يقاس ويعامل بهذه الطريقة، بل يقاس بقوته وقيمته امام العملات الاخرى، فكان الاولى بكم ان تتفاخروا بان دينارنا رابع اقوى عملة في العالم مقابل الدولار واقوى بكثير من العملات الاخرى.
وهنا دعوني احدثكم عن «الدينار الاردني» العملة الوطنية التي قاومت كافة المتغيرات والتحديات والظروف الاقتصادية والسياسية في المنطقة والعالم، وحالها يقول لن استسلم امام كل المحاولات التي تسعى الى تخفيض قيمتي وتهز قوتي امام اقوى العملات في العالم، فهل تدركون ماذا يعني ان تكون العملة الوطنية رابع اقوى عملة في العالم امام الدولار وهل تستوعبون ان ديناركم اقوى تصريفا وقوة شرائية من كثير من العملات العالمية لدول قوية اقتصاديا وسياسيا على مستوى العالم اجمع، وهل تستطيعون ان تستعيدوا بذاكرتكم السنوات الماضية لتستذكروا ولتتبينوا كيف استطاع الدينار مقاومة كافة التحديات التي واجهته ومنذ تأسيس الدولة وحتى يومنا هذا، وتحديدا خلال السنوات العشر الماضية والتي اجتاحتنا خلالها الازمة المالية العالمية واللجوء والارهاب وكورونا والحرب الروسية الاوكرانية.سيسجل لماليتنا العامة ومن يديرونها وتحديدا البنك المركزي الاردني وطيلة السنوات الماضية انه استطاع ان يجعل من عملتنا الوطنية قوة وذات شأن استثماري يسعى لها الكثير من المستثمرين في العالم كوعاء ادخاري مستقر وامن وقوي وقادر على مواجهة التحديات وتذليلها بسياسات مالية حصيفة نأت بالدينار الاردني وعملتنا الوطنية من الدخول بموجات التضخم العالمية وتراجع قيمتها الشرائية وبطريقة احترافية اثارت وتثير اعجاب العالم، وكان اخرها شهادة صندوق النقد الدولي باستقرار المملكة نقديا وماليا واحتياطيا رغم كل الظروف التي يعيشها العالم ومقارنة مع دول كبرى صناعية ونفطية وذات ثروات كبيرة، بالاضافة الى وكالة موديز للتصنيف الائتماني التي رفعت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل من مستوى «B1-مستقر» إلى «B1-إيجابي» وهذا مؤشر مهم على قوة عملتنا الوطنية وقوة اقتصادنا بكافة قطاعاته.ليست هذه المرة الاولى التي نغير فيها شكل العملة النقدية لدينا وبمختلف فئاتها فأول اصدار تم طرحه وكان أول دينار أردني عام ١٩٤٩، وزين وجه الدينار الأول صورة الملك عبدالله الأول، بينما حمل ظهر الدينار منظراً لمدينة جرش الأثرية ليصدر بعدها أربعة إصدارات من أوراق النقد بعد تأسيس البنك المركزي الأردني عام ١٩٦٤ وكان آخرها الصادرة عام ٢٠٠٢ وصولا الى الاصدار للمرة الخامسة التي نحن بصدده الان والتي وضعت عليه صورة الطائر السيناوي كرمزية لانه طائر وطني لا يعيش الا بالاردن وفي جبالة الشامخة.ختاما، حالة التنمر والاستخفاف والتهكم على صورة الدينار الصادرة مؤخرا لم تعد مستغربة، فمثل تلك التصرفات والتي اتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح امام عديمي المسؤولية اصبحت سمة للبعض فهم يستخفون ويستهزئون ويقزمون ويبثون فينا الياس حول كل انجازاتنا، ومن هنا ما علينا سوى ان نحاربهم بالادراك والوعي والعلم واستمرار تحقيق الانجازات والتي لا تقاس الا بقوتها ونتائجها وهذا هو دينارنا اذ يتحدث عن نفسه.
'الدينار' قوة وقيمة.. ليس صورة فقط
مدار الساعة (الرأي) ـ