أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

بسام التلهوني يكتب: تطوير وحدات الرقابة الداخلية في المؤسسات في إطار خطة تحديث القطاع العام


الدكتور بسام التلهوني
عضو مجلس الأعيان ووزير سابق

بسام التلهوني يكتب: تطوير وحدات الرقابة الداخلية في المؤسسات في إطار خطة تحديث القطاع العام

الدكتور بسام التلهوني
الدكتور بسام التلهوني
عضو مجلس الأعيان ووزير سابق
مدار الساعة (الرأي) ـ
تطل علينا في كل عام تقارير ديوان المحاسبة باعداد كبيرة من المخالفات التي يرصدها الديوان في الوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية المختلفة والتي تظهر العديد من التجاوزات المالية والادارية قد تصل قيمة البعض منها ملايين الدنانير حتى أن بعضها يجري تحويله لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والى القضاء بتهم الفساد والتجاوز على المال العام أو استثمار أو التهاون بواجبات الوظيفة. وقد يتسآل البعض عن سبب وقوع هذه المخالفات وتفاقمها أو حتى امتدادها لفترة طويلة من الزمن قبل اكتشافها، وهذا قد يقود الى التساؤل أيضاً حول وجود وح?ات للرقابة الداخلية في الوزارات أو الوحدات الحكومية للقيام بالتدقيق على الامور المالية والادارية، وفي حال وجودها فما هو دور هذه الوحدات أو اختصاصها وهل هي مفعلة وقادرة على القيام بواجباتها وهل أعداد الموظفين المناط بهم عملية الرقابة كافية وهل هم مدربون ومؤهلون للقيام بدورهم وواجباتهم بحسب المطلوب؟
وللجواب على ما تقدم نقول نعم يوجد في كافة الوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية وحدات للرقابة الداخلية كما أن دورها محكوم ومؤطر بنظام خاص يسمى نظام الرقابة الداخلية رقم (3) لسنة 2011 وهو صادر بموجب أحكام المادة (114) من الدستور، وبحسب النظام فان الدور الملقى على عاتق وحدات الرقابة بشكل عام هو القيام بمجموعة من الإجراءات هدفها حماية الأصول والأموال العامة وحسن استخدامها بالشكل الأمثل وضمان تنفيذ السياسات والخطط والعمليات بكفاءة وفاعلية وفقاً للتشريعات المعمول بها. ولإضفاء جانب من الاستقلالية على عمل وحدات الرقابة الداخلية داخل الوزارات والمؤسسات فقد نص النظام على ارتباطها بالوزير المختص بشكل مباشر حتى يتمكن من اتخاذ القرارات والإجراءات المطلوبة بناءً على ما يصله من تقارير ومعلومات من خلال تلك الوحدات.ولابد من الاشارة هنا أيضا الى أن كافة انظمة التنظيم الاداري للوزارات والوحدات الحكومية قد تضمنت النص على وحدات الرقابة الداخلية واختصاصاتها وبأن عمل تلك الوحدات يتعلق اجمالا بالقيام بعدد من الامور منها التأكد من صحة ودقة القيود والبيانات والمعلومات المحاسبية وحماية الموارد المالية والأصول من سوء الإستعمال وممارسة الرقابة الإدارية والفنية والتأكد من قيام الوزارة والوحدة الحكومية بتحقيق الأهداف والسياسات العامة المحددة لها من خلال مراجعة القرارات الإدارية الصادرة بهذا الشأن بالاضافة الى التأكد من مدى الإلتزام بالتشريعات النافذة للحد من الأخطاء واكتشافها في حال وقوعها وبالتالي فإن الدور الذي يمكن لهذه الوحدات الرقابية أن تقوم به داخل الوزارات والمؤسسات العامة هام ومفصلي.فاذا كان الامر كذلك فما الذي يمنع وحدات الرقابة الداخلية من القيام باعمالها بالشكل المطلوب بحيث يكون لها التأثير الواضح والكبير في عملية تحديث القطاع العام وبأن تكون احد المحركات الاساسية لخطة التحديث التي أَعدتها الحكومة بالنظر الى دورها في ممارسة الرقابة السابقة على تلك التي يمارسها ديوان المحاسبة وأقصد بذلك الرقابة اللاحقة للمخالفات، فوجود وحدات رقابة داخلية فاعلة داخل الوزارات والمؤسسات العامة سيضمن تقديم الخدمات المطلوبة للمواطنين بشكل مبسط وسهل وضمن حدود الوقت المستهدف، كما انه سيضمن وجود إِجراءات متشابهة بين الدوائر المختصة بعيدا عن الاجتهاد أو المزاجية وسيؤدي الى تفعيل دور المساءلة في حال ظهور جوانب من التقصير مما يستدعي القيام بالتقييم الدائم والمستمر للخطط والاستراتيجيات واجراءات العمل داخل المؤسسات من قبل الجهات ذات العلاقة.ومن الجدير بالذكر هنا أن تقرير ديوان المحاسبة الاخير للعام 2021 قد تضمن عددا من الحقائق الملفتة حول الوضع الحالي لوحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية، فبعد أن أقر التقرير بالدور الهام الذي يمكن لوحدات الرقابة الداخلية ان تلعبه في دعم دور ديوان المحاسبة في الرقابة ذلك أن كفاءة أداء المدققين الداخليين والتقارير المعدة من قبلهم تساهم في دعم كفاءة وفعالية تخطيط وتنفيذ عمليات التدقيق التي يقوم بها ديوان المحاسبة، إلا أن تقرير ديوان المحاسبة قد تضمن واشار أيضا إلى عدد من الملاحظات حول ما تعانيه بعض وحدات الرقابة من ضعف وتقصير في بعض الاحيان في القيام بدورها المطلوب. وقد عزا التقرير أسباب ضعف وحدات الرقابة الداخلية لعدة أمور منها:عدم وجود الدعم الكافي من الادارة في بعض الجهات الحكومية لوحدات الرقابة الداخلية.عدم وجود اشخاص مؤهلين في بعض الاحيان لإدارة تلك الوحدات وضرورة رفد تلك الوحدات بالعناصر البشرية الكافية والمؤهلة للقيام بدورها المطلوب.
كما لاحظ التقرير عدم التزام وحدات الرقابة الداخلية بمهامها المحددة في التعليمات وغياب الخطط التنفيذية لتلك الوحدات داخل المؤسسات للقيام بدورها المطلوب بالاضافة الى عدم توثيق ملفات التدقيق وأوراق العمل وأدلة الاثبات أو الى أن التوثيق غير كاف أو غير ملائم في بعض الاحيان.
ومن الملاحظات المهمة الاخرى على دور وحدات الرقابة في المؤسسات والتي اوردها التقرير مسألة عدم توافر المهارة والمعرفة التامة بتطبيق معايير التدقيق الداخلي بالاضافة لعدم استخدام تقنيات التدقيق على تكنولوجيا المعلومات.
إن ما سلف ذكره يبين الدور المهم الذي تلعبه ويمكن أن تقوم به وحدات الرقابة الداخلية في الوزارات والمؤسسات مما يستدعي تعزيز دورها حتى يكون لها دور محوري في تجويد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتبسيط الاجراءات عليهم بالاضافة الى دورها في الرقابة المالية والفنية وضمان حسن تطبيقها تعزيزا للحوكمة ومنعا للفساد والتجاوز على المال العام، ما يستدعي دعمها بالكوادر البشرية المؤهلة المطلوبة والقيام بالمراجعة الدورية والتقييم المستمر لإجراءاتها بالاضافة لاتخاذ عدد من الخطوات الضرورية التي تضمن رفع مستوى أداء الخدمات في المؤسسات كالقيام بنشر التعليمات المتعلقة بتقديم الخدمات للجمهور بشكل واضح، وتأهيل مقدمي الخدمة للقيام بدورهم المطلوب وإضفاء الإستقلال الحقيقي لوحدات الرقابة ولاعمالها فمجرد النص على تبعيتها المباشرة للوزير أو المسؤول الاول في الوحدة الحكومية لا يكفي وذلك لعلمي ومعرفتي بمقدار الأعمال والأعباء الإدارية والبيروقراطية الملقاة على كاهل الوزير أو المسؤول الاول والتي قد تجعله غير قادر على متابعة أعمال تلك الوحدات أو حتى قراءة تقاريرها في بعض الاحيان فلابد من تفعيل آليات المساءلة القانونية لضمان جدية التطبيق مع الاخذ بعين الاعتبار أن وجود وحدات رقابة داخلية ممكنة وقوية داخل المؤسسات من شأنه ان يخدم الموظفين والمواطنين على حد سواء ويحمي مصالحهم.وأخيرا فانني على يقين بأن خطة تحديث القطاع العام قد تضمنت في جنباتها تصوراً واضحاً لتعزيز دور وحدات الرقابة الداخلية في المؤسسات ومعالجة نقاط الضعف والقصور في الآليات والإجراءات والممارسات والتشريعات ذات العلاقة وعليه فقد تضطلع «هيئة الخدمة والادارة العامة» والتي أعلنت الحكومة عن نية انشائها- لتحل محل ديوان الخدمة المدنية- ببعض الصلاحيات في دعم وتعزيز دور وحدات الرقابة الداخلية لتصب هذه الجهود مجتمعة نحو تصويب الوضع القائم الى ان يأتي يوم يشعر المواطن فيه بالفرق في مستوى تقديم الخدمة وسرعة انجازها وأن نرى تقريرا لديوان المحاسبة يخلو من ملاحظات على الدور الذي كان يتوجب فيه على وحدات الرقابة الداخلية القيام به بشكل يجود الخدمات المقدمة ويحافظ على المال العام.
مدار الساعة (الرأي) ـ