اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

أردنيان يثرثران إلى صحيفة إسرائيلية


فايز الفايز

أردنيان يثرثران إلى صحيفة إسرائيلية

مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/12/26 الساعة 01:15
حتى هذا اليوم عادت الحياة الى طبيعتها الحذرة في مختلف محافظات المملكة بعدما شهدنا أكثر مما كنا نخشاه وقد وقع، ضباط أمن قاموا بواجبهم واستشهد على التوالي أربعة منهم في حادثتين متفرقتين جنوب المملكة، فيما كان بعض القلّة يصبون الزيت على النار ويستخدمون الأكثرية كملقط النار سعياً خلف الإثارة التي ملأتهم غرورا وتباهياً، ولم يجترح أحد أي حلّ، ولم يُقدَم أي فكرة ولو بسيطة لنزع الفتيل، فيما وجد عديد القادمين الى الساحات والسرادق فرصة ليجعجعوا بهذر غير مفهوم ولا مُقنع، ولهذا السبب أي اختلاط بعض الجاهلين في صفوف العارفين، أدى الى خفض توتر ركائز المعارضة السياسية وأهل الدراية والناصحين خشيةً مما قد لا تحمد عقباه.
الى هنا نتوقف عن إعادة استكشاف قوى التحدي، وإن كان كثير منهم يريدون فعلاً حماية بلدهم في لحظة صفاء عاطفي، ولكن ما جعلني مصدوما تماما أن تخترقنا صحيفة «اسرائيل اليوم» لتتسلل الى عدد من المناطق لاستكشاف الأوضاع اقتصادياً وأمنياً، وتمكنت مراسلة الصحيفة «دانا بن شمعون» من اختراق جدار ممانعة التطبيع مع الصحافة الإسرائيلية لتأتي بالأخبار السيئة ومن اثنين يعلمان كيف تصاغ اللغة التشريحية لنبش مآزق بلد كالأردن ولدّ في فقر وعوز ونمى حتى قسى عوده، وفيه الكثير من المفارقات التاريخية والآنية، فهو بلد الأردنيين وبلد اللاجئين وبلد المستضافين، والأهم هو الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية وأهلها.
بن شمعون استطاعت كتابة مقالة روائية على لسان اثنين ثرثرا لها عما يواجه الشباب والشعب عموماً من تحديات اقتصادية وبطالة وارتفاع في الأسعار ونقص في الموارد والكثير من التأشير على أن الأردن دولة متضعضعة وكثير من شعبها يحلمون بالهجرة، وكأن كل ما قدموه آنفاً ينطبق على الأردن فقط، ولكنهم لم يقارنوا انفجار الأسعار في الدول العربية والأوروبية وغيرها، فغالبية المواد تموينية كانت أم غيرها كالوقود والغاز وتآكل قيم النقود التي يتقاضونها، حتى دول الخليج العربي الذي يمتلك النفط والغاز والمليارات لها حصة من الديون الحكومية، وبدأت الشعوب هناك تتراجع عن الرفاهية المُتخمة بالتقنين والتحول الى المركبات الكهربائية والصغيرة لتوفير الوقود.
الصحيفة الأكثر إيلاماً في إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب، وتوجه الرأي العام، قدمت رواية لشخص وصفته بصحفي أردني ومحلل من شمال الأردن، وعدم الافصاح عن اسمه الكامل لغايات الضرورة المهنية، وقالت إنه عاد الى الأردن قبل ست سنوات فقط، وقد شرح للمراسلة الكثير من الإجابات الدقيقة والمشاهدة، حقيقة، ابتداءً من ارتفاع أسعار المواد التموينية وارتفاع أسعار الوقود وتعطل التوريد والتصدير نتيجة اضراب سائقي وأصحاب شاحنات النقل، متهمة الحكومة بأنها لم تفعل شيئاً لنزع الفتيل، ولكن المشكلة التي نراها نحن أن بات الغسيل ينشر على جدران الآخرين ممن لا يهتمون لأمرنا بل ليستمتعوا باستمرار الأزمات الداخلية في الأردن كي ينشغل عن واجبه في التصدي لأعداء الخارج ومثيري الفتنة في الداخل.
الشخص الآخر الذي طرز اسمه على الصحيفة العبرية فقد سمح لنفسه أن يثرثر لصحيفة عبرية وكان الأولى به أن يسرد للمراسلة تاريخ فلسطين وكيف تم احتلالها على أيدي رهط «حاييم وايزمن، وهربرت صمويل، وبن غورويون، ومناحيم بيغن» ما علينا.
قال للصحيفة ما نصه: «إن وسطاء تدخلوا في المسألة وحاولوا اقناع الحكومة باتخاذ خطوات تدفع سائقي الشاحنات بالعودة الى عملهم، وشرح بأن الوضع الاقتصادي ومشكلة البطالة في المملكة يرتبطان ضمن أمور أخرى بالإدارة غير السليمة للقطاعين الخاص والعام على مدى السنين»، هنا ورغم أن الرجل وضع اصبعه على الجرح ويعتبر منظراً اقتصادياً واعياً، فقد نسي أنه واحد من أكثر الشخصيات مشاركة في كل ما يخطر على البال من مناصب وتسميات.
ولكنه للأمانة، لم يفوت المناسبة دون التحذير من حكومة نتنياهو الجديدة، ففي معرض حديثه قال: «الأردن لا ينقصه تحديات داخلية، كالأزمة الاقتصادية وما يحصل في الحدود مع سوريا والعراق، و لا يمكنه أن يتحمل مزيدا من المشاكل من الخارج، كحكومة اليمين في اسرائيل والتوتر في الاقصى وفي الضفة وغياب أفق سياسي للفلسطينيين، وختم الوزير بجملة جيدة «على نتنياهو وحكومته اليمينية أن يفهموا بانه لا يمكن ممارسة الضغوط على الأردن، وإذا ما شدوا الحبل لأقصى حدّ، فالأردن سيعرف كيف يدافع عن نفسه ويتخذ موقفا حازما».
هنا ليس لي أن أمنع أو أعترض على مشاركة أشخاص ليقولوا لصحيفة يعرف أهلها أكبر أسرار بلدنا، ولكن من الأولى أن لا ننزلق الى ما يريده أعداؤنا، فإن كان رأس الدولة لم يقدم أي تصريح لأي وسيلة عبرية مطلقاً، فالأجدر ألا يتنطح البعض لإعطاء غطاء لصحيفة تصف الفلسطينيين بالإرهابيين يومياً، بل إنهم يأخذون مقالات لكتاب أردنيين ينشرون في الخارج لإضفاء صفة التطبيع الصحفي.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/12/26 الساعة 01:15