تُروّج وسائل إعلام صهيونية عن «غضب» حكومة العدو من أوكرانيا، بزعم أن الأخيرة «تجاهلتّها», عندما لم يُوجِّه نظام زيلينسكي دعوة لها لحضور مؤتمر باريس الذي عُقد في 13 الجاري, وخصِّص لبحث «مساعدة» أوكرانيا للاستعداد لفصل الشتاء في ظل استمرار الحرب.. حيث اعتبرت الدوائر السياسية والإعلامية الصهيونية عدم دعوة تل أبيب بأنها «خطوة غير مسبوقة».
وإذ استضافت العاصمة الفرنسية المؤتمر بحضور ممثلين عن 47دولة، وُصِفت بأنها داعمة لأوكرانيا إلى جانب منظمات دولية ومؤسسات مالية, تحت شعار «مُتضامنون مع الشعب الأوكراني»، كما روَّج الإعلام الفرنسي الأكثر حماسة لترتيب واستضافة المؤتمر، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية عبّرت عن استنكارها للخطوة التي أقدمت عليها كييف بعدم دعوة تل أبيب, على ما قالت هيئة البث الرسمية «كان»، مُوضحة أن أوكرانيا لم تُقدِّم سبباً رسمياً لعدم دعوتها لمؤتمر باريس، مُضيفة أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن ذلك مثابة طريقة أُخرى من جانب كييف لاظهار «عدم رضاها» عن عدم دعم إسرائيل لها بنسبة 100%.يمكن هنا وبسهولة دحض مثل هذه الأضاليل التي تبثها الدوائر الصهيونية في دولة العدو, التي لم تتوقف للحظة منذ اندلاع الحرب عن انحيازها إلى جانب أوكرانيا. ليس فقط في التصريحات التي أطلقها يائير لبيد وزير الخارجية آنذاك, عندما زعم أن «روسيا ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا» ناهيك عن تصريحات وزير الحرب غانتس في الاتجاه ذاته, بل خصوصاً في مسارعة تل أبيب إلى إرسال مساعدات وصفتها بأنها غير عسكرية مثل السترات الواقية من الرصاص والخُوذ العسكرية وغيرها من المساعدات اللوجستية. بل ثمَّة مؤشرات على أنها أرسلت عتاداً عسكرياً. إضافة إلى الزيارة «السِرية» التي قام بها مؤخراً وفد عسكري أوكراني رفيع ضم نائب رئيس هيئة الأركان الأوكراني نهاية الشهر الماضي على ما ذكرت القناة الإسرائيلية «13». ما عكس من بين أمور أخرى وجود تعاون عسكري سري بينهما. وإلاّ لأي هدف تتم زيارة على هذا المستوى لم يتم نفيها, بل تولّى مصدر عسكري إسرائيلي التعقيب على «نشر الخبر»، بالقول: لا تغيير في سياسة إسرائيل، ونحن – أضاف – لا ننوي إعطاء سلاح ونحن نتحدث معهم عن منظومات للإنذار ضد الصواريخ(!!).ذلك كله يتزامن مع حملة مُركَّزة تتولاها وسائل الإعلام الصهيونية تدعو من بين أمور أخرى إلى مساعدة أوكرانيا سِراً, على النحو الذي دعا إليه رون بن يشاي في صحيفة يديعوت أحرونوت مؤخراً قائلاً: على إسرائيل تبنّي موقف ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، ليس شفهياً فقط، بل عليها واجب «أخلاقي».. عندما – أضاف – كانت إسرائيل في وضع مثل أوكرانيا في سنة 1948، لم تحصل على المساعدة التي أرادتها من العالم.. و«إزاء جرائم الحرب التي يرتكبها الروس – استطرَد – حان دورنا لنثبت أننا عند الحاجة لا نقف موقف المُتفرج».زد على ذلك تصويت إسرائيل لصالح أوكرانيا في الأمم المتحدة، وما تؤكده أيضاً وسائل الإعلام الصهيونية على «قتال اليهود ضد روسيا في أوكرانيا».. وهو ما أكدته صحيفة يديعوت احرونوت يوم 10/12/2022 عندما أوردت نقلاً عن اتحاد الجاليات اليهودية في أوكرانيا FJCU (منظمة جامعة توحِّد 180 مُجتمعاً في أوكرانيا) مقتل شاب يهودي «21» عاماً في قتال ضد القوات الروسية, موضحة «الصحيفة»... أنه وفقاً للتقديرات فإن «هذا الشاب اليهودي واسمه فلاديسلاف شين، هو واحد من عشرات الجنود الأوكرانيين اليهود الذين قتلوا خلال مشاركتهم في المواجهات ضد الروس».ماذا عن «تكريم» صحفي «الموساد»؟منحتْ كييف أوسمة «شرف»، لوفد صحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية إلى أوكرانيا، رونين برغمان ومُصوِّر الصحيفة زئيف كورين، «تكريماً» لهما على تغطيتهما الوضع في أوكرانيا، وقلّد رئيس بلدية فيتالي كليتشكو الأوسمة لكورين وبرغمان (على ما ذكرت الصحيفة يوم 16/12/2022) تقديرا لهما على جهودهما في «تسليط الضوء على معاناة الأوكرانيين» قائلاً بحماسة لـ«برغمان»: «أنتَ سلاح ضد الدعاية الروسية».ويأتي التكريم الأوكراني لهما، بعد أسابيع طويلة في شهري آذار ونيسان الماضيين، قضاهما برغمان وكورين في مناطق القتال، خرجا فيها بعشرات المقالات وعشرات الآلاف من الصور والمقابلات، وعند عودتهما الى تل ابيب اقامت يديعوت ومركز بيرس لـ«السلام», معرضاً للتغطية التي وصفتها يديعوت بـ«الشجاعة».(برغمان، صحفي صهيوني استقصائي مختص بالشؤون الأمنية والاستخبارية. كتب العديد من الأعمال حول جهاز الاستخبارات الخارجية الصهيوني(الموساد), وعادة ما تستند مقالاته وكتبه إلى مواد استخبارية وعسكرية وصلت إليه حصرياً, ونشر عدة كتب بالعبرية منها على المثال: ــ الفساد في السلطة الفلسطينية–حرب أكتوبر 1973–برنامج إيران النووي, ما يعكس من بين أمور أخرى، مدى قربه من هذه الدوائر وخدمته لأهدافها).kharroub@jpf.com.jo