إلى خالد العيطان

مدار الساعة - كتب: محمد عبدالكريم الزيود
ثمة مواقف لا تنسى، وثمة رجال بحجم قبيلة، أعرف يا شيخنا أنّك لا تحب المدح ولا الكتابة، لكن يا صديقي ما نفع الأقلام إن لم توثق تاريخ الرجال، وما نفع الحبر عندما تكتب مواقف الرجال بالدم والبارود والسيرة الطيبة.
كنت قبل أيام في مضارب قبيلتك بني حسن كنت شامخا، كان صوتك عاليا حادا مثل السيف، واضحا مثل صوت مهبابيش أهلك، كان صهيلا أصيلا وأنت تتكلم بوجع الناس، فالمشيخة ليست عباءات وليست تشريفا، وإنما مواقف لا ينساها الرجال، كنت فارسا مهيوبا، لم تداري ولم تمدح وغيرك يمدح، كنت رافعا رأسك والناس مجروحة وألم الفقد بالشهيد الدلابيح كبير، ولكنك كنت كبيرا على قدر الحدث .
يا أبو نواف أعدت للقبيلة موقفها، وصوتها الواضح، وبيانها السياسي الذين يعرفون قراءته دون مواربة، كنت أكبر من الأحزاب وأشجع من الحكومات، وأكبر من قانصي الفرص، الباحثين عن مقعد زائف، كنت صوتنا عندما غابت الأصوات، حقنت الدماء وكتمت غيظك وغضبك، كنت ممثلا لأبناء العشيرة والقبيلة، متعلما مثقفا محاميا شيخا فيك من عروق الطيب من أهلك كابرا عن كابر .
عندما كنت تتكلم بوجع الناس، وكأني بصوت حبيب الزيودي ينشد لك:
"فتى به سمرة تغوي البنات إذا ما سرّج المهرة الشهباء أو ركبـا " …
فليس بغريب عليك يابن عمي ودمي وأنت حفيد الشيخ محمد العيطان الحرحشي أحد المشاركين في المؤتمر الوطني الأول، وعضو أول مجلس نيابي، والذي طالب بمقاومة الاستعمار البريطاني واستقلال إمارة شرق الأردن ورفض وعد بلفور، وشكل مع شرفاء بلادنا البداية للحركة الوطنية الأردنية.
هؤلاء أهلك بنو حسن الذين لم يكتبوا تاريخهم بالدم والغزو، وإنما بحسن الجيرة والفزعة للمظلوم، تاريخا تعبق منه القهوة والهيل والفروسية، وعندما نزل الرماة عن الجبل وإنحسر ظهر الوطن، كُنا له الستر والرصاص، وقدمنا الشهداء تلو الشهداء دفاعا عنه وعن فلسطين، وليس دفاعا عن الحكومات الضعيفة، وما زالوا عند حسن الظن بهم، أشداء في المواقف، وعندما تخلّى الآخرين عن الوطن والقيادة يوم إقتربت الفتنة من أطناب بيوتنا، إنحازوا أهلك وقبيلتك للوطن، وقالوها بلسان ليس ذي عوج في مروج بلعما وسهول رحاب أننا مع الأردن.
هذه كلمات بعض من الوفاء، والناس تبخل بالشكر والثناء إلا عند القبور تفيض القصائد، لكن يذهب الناس ولكن لا تذهب مواقفهم، فسلام عليك وعلى قامتك العالية، وأدام الله صوتك