أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هذا ما فعلته قبيلة بني حسن


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

هذا ما فعلته قبيلة بني حسن

مدار الساعة (الرأي) ـ
.. استشهد العقيد عبدالرزاق الدلابيح, وهو من (بني حسن).. وما لفت نظري في مشهد استشهاده, أن أحدهم وقف أمام بيت العزاء وقال للجميع: حين يتحدث كبار (بني حسن) ووجهاؤهم فليصمت الجميع.. وما جعلني افتخر بأني (اردني) في مشهد العزاء.. هو أن هذه العشيرة لم تقدم خطابا غاضبا أو انتقاميا ولم تقم بالدعوة للثأر, بل قدمت خطابا وطنيا.. تعجز عنه الأحزاب والنقابات وقوى المجتمع المدني واللجان.. والنواب, والنخب.. وأنا.
شكرا (لبني حسن).. الذين لم يتمترسوا خلف الجغرافيا, بل تمترسوا خلف البلد.. وخلف الوفاء للتراب وخلف التاريخ, وتمترسوا خلف عقال ضيف الله القلاب, ولنعترف أن هذا العقال ما مال في يوم من الأيام إلا على جهة الكرم والإصلاح والإيثار, هذا العقال لم يتورط في خطاب الكراهية.. ولا الجهوية, ولا المصالح.. بل كان رسالة للدولة في العشيرة ودستورها وألقها وخوفها على التراب والمستقبل.شكرا (لبني حسن).. فقد حملوا ابنهم على دمعهم, وكتموا الغضب.. ومدوا أكفهم للأردنيين جميعا وأكدوا أيضا أن أولادهم منذورون للبلد, شكرا لهم.. لأنهم جلسوا حول الشهيد جميعهم, يغمرهم الرضا بالقدر.. وبأن الحياة ستمضي, ولم يرموا ولو بكلمة عتب.. لم ينطقوا جملة غاضبة. وارتضوا الشهادة لابنهم كأعلى رتبة وأعلى منزلة في هذه الدنيا.هذه هي العشيرة الأردنية, والتي تختصر في وجه ضيف الله القلاب, حين ينثر الكلام على ميزان الحكمة, ويقدم نضجا في السياسة أعلى من نضج من يسمون أنفسهم النخب, وأكثر وفاء.. من وفاء بعض المسؤولين الذين أنتجتهم الدولة, وقدمتهم في مجتمعاتهم وأنفقت عليهم, ودرست أولادهم وقدمت لهم المنازل والسيارات, وعضويات مجالس الإدارة.. وحين جرحت البلد وتألمت مارسوا التشفي بأبشع صورة.. على الأقل شماغ ضيف الله القلاب, لا يمارس التشفي والا الإنتقام.. بل يمسح جرح البلد ودمعها.. وضيف الله ليس عضوا في مجالس إدارة الشركات المملوكة للحكومة, وضيف الله لم يأت من الأحزاب التي اتخمت نفسها بالخطاب الثوري واحترفت اليسار.. وحين عاد قادتها للأردن صاروا يبحثون عن جوائز ترضية وباعوا الماضي الثوري وباعوا الاتجاه.. وفيما بعد سيبيعون المستقبل.وضيف الله.. لا يريد أن يكون وزيرا, فخيوط العباءة المرمية على كتفيه, أكبر من ذلك.. والشيب الذي غزا الحاجبين.. فيه من المبادئ أكبر ممن يدعون المبادئ والحرص على البلد.(بني حسن) قدموا درسا كبيرا, في معنى أن يكون فتيتهم وزينة شبابهم منذورين للبلد, قدموا درسا للدولة في معنى أن تكون العشيرة هي ميزان الإستقرار وهي الدعامة الحقيقية للدولة.. قدموا درسا في الرجولة, في لثم الجرح وكتم الغضب..شكرا (لبني حسن) شكرا لكبارهم, لشبابهم, للبنات اللواتي حملن على أكفهن الحياة وطنا وبعض الحناء.. شكرا لهم من كل قلبي, فقد جعلوا العقال ميزانا وقرارا.. وأعادوا له الهيبة والحضور بعد أن حاول البعض طمسه أو تهميشه..شكرا (لبني حسن).. وأدري أن الشكر وحده لايكفي أبدا.Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة (الرأي) ـ