اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

من يريدها حرباً داخلية؟


فايز الفايز

من يريدها حرباً داخلية؟

مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/12/18 الساعة 02:14
هل يفسر لنا أحد ما الذي جرّى ويجرّي وسيجري قادما في بلدنا الذي تضخمت الكثافة السكانية، بناءً على عشر سنوات مضت لم يفهم فيها كثير من المسؤولين أن مسؤوليته بدأت عند إطلاق صافرة المنصب على مقعده الوثير، وأن تكليفه الذي استحقه تجاوز عشرة ملايين من المواطنين الآخرين، ثم ها نحن نصل مجدداً لعنق الزجاجة مرة أخرى، ورغم حفلات الردح والتخوين والشتائم والتحريض التي ينتهجها البعض ممن تمتعوا بأحاسيس حرية تعانق الفضاء دون ردّ رسمي، فإن هناك غالبية عظمى من المواطنين حريصون على بلدهم وآمنهم يريدون حقاً مساعدة نظام الحكم.
ما حدث من جريمة شنيعة استهدفت الشهيد العقيد عبدالرزاق الدلابيح نزعت قلوبنا وملأتها غضباً متفجرًا، ولو تذكر المجرم، أيا كان ومن أي طرف، أن نهاية الأسبوع الماضي كان موعد الشهيد مع ابنائه و والدته وأبيه، كان سيقود مركبته لثلاثمئة كيلومترا كي يصل جرش، ويصاب ثلاثة آخرون من ضباط الصف بجروح نتيجة إطلاق النار عليهم، فيما لم يقتل رجال الأمن مواطنا واحداً، ولو حدث ذلك، لقامت الدنيا ولم تقعد، حتى لو كان مجرماً فاراً أو تاجر مخدرات خطر، كي تتحول القضية من احتجاجات مطلبية الى نزاع وقتال أهليّ.
ليس هناك مدينة ولا محافظة عصية على الأمن، ليس اليوم فقط بل منذ تأسست الدولة حيث كان شرطي واحد على بغلته يجلب عشرة أفراد من قرية ما وهو يحمل عصى لا يعانده أحد حتى يُفصل بأمر نزاعهم، واسألوا من بقي من شيوخ طاعنين في السن ليشرحوا لكم، أما اليوم فقد أصبح السلاح بيد الأشقياء والمضطربين ضرباً من البلطجة وتهديد أمن المواطنين، بل إن وصول السلاح لأيدي الجبناء يحيلهم الى أبطال فاشلين ليفعلوا ويرتكبوا جرائمهم، حتى في الجرائم العائلية يوز الشيطان قلوبهم ليرتكبوا أبشع الجرائم، والنتيجة هي ضياع أصوات العقلاء والمفكرين و?لمنادين بالإصلاح وزرع الفتنة بين أفراد الشعب.
في المقابل نرى أن المضربين عن إعادة حركة النقل والشاحنات الأهلية يشاركون في معاقبة شعب بأكمله، وهذا شأنهم، ولكن أن تخرج الأمور عن مسارها فتلك جريمة أخرى، وهي قطع الطرق ومهاجمة حافلات النقل السياحي وتهديد أمن السائحين والشاحنات القادمة من الخارج، حيث اظهرت مقاطع فيديو وقد تم الاعتداء على سائق قادم من السعودية وسُحل من مقعده وحطموا غرفة السائق وهو يصيح بهم » أنا شو ذنبي»، فيما آخر رموه بالحجارة وشُق رأسه، ووالله لو كانوا تحت تأثير المخدرات العنيفة ما فعلوا ذلك.
جيشنا أول من حارب في عام 1948 وأول من أخرج اليهود من شرق القدس الى غربها وأول من اعتقل حاخامهم الأكبر وأول من اعتقل قادتهم العسكريين، ثم انظروا الى دولتهم المصطنعة كيف يتكاتفون ضد شاب فلسطيني يحمل سكيناً، ويحاصر جيشهم مدناً بأكملها ويعيثون فيها دماراً، ولو قارنا من ارتكب أفعالاً مخزية من قطع الطريق وتحطيم أعمدة الإنارة لتسقط على الشارع العام كي لا يمرّ منها أحد، ومن حبس الشاحنات على الطريق الصحراوي أو أحرق الإطارات في بقية مدن المملكة، لفهمنا أننا أمام مستقبل لا نحسد عليه، فإن كان الغضب الشعبي على الحكومة ?شروعاً فإننا عاصرنا العديد من الحكومات التي أغضبت الشارع وفي النهاية عادت الأمور لمجاريها.
في هذه الفقرة تحديدا لن أقارن بلدا عربياً كالأردن باليابان، ولكن لنتعلم ثقافة الإضرابات والتمييز بين الإضراب والعصيان، فمن قرأ عن الثقافة اليابانية سيفهم كيف أننا لم نتحضر حقيقة، فاليابانيون عندما يبدأون إضرابهم لا يتوقفون عن العمل، بل يضعون على أيديهم عصابة بيضاء يكتبون عليها كلمة «مضربون»، ولا يعطلون أعمالهم، في المقابل يتراكض المسؤولون اليهم ليناقشوا كيفية التعاطي مع المشكلة بكل احترام متبادل، واقرأوا عن تلك الأمة كيف خرجت من تحت الركام مهزومة، لتنافس الأمم بأخلاقها وتراثها وعلومها وصناعاتها.
أعلم هنا أن هناك من سينتقدني أو يسخف القضية ويريدها حرب داحس والغبراء أو يظن أنها دفاعية عن الحكومة، ولكن مهما يفكر البعض فإن قضيتنا باتت أكبر من مجرد رفع أسعار الوقود، بل هي تشاركية غير منطقية ينتظرها طيف باهت اللون لتحويل الأزمة الى إشعال النار في يباس الدولة، بل إن هناك من يتمنى أن يتحول هذا البلد الى ما آلت إليه سوريا وليبيا واليمن، وهم قلّة يأزون الأغرار لارتكاب أعمال حربية، في ظل صمت مريب من كبار مسؤولي الدولة السابقين وبعض اللاحقين الذين لا يجترحون أي فكرة أو مشروع دولة لنشلنا من هذا المستنقع الذي ي?رغ الناس كبتهم على ضفافه في ظل فقر واضح وأزمة مالية خانقة..
هذا بلدكم فلنحافظ على سلمية حراكاتنا والرقي فيما نقول ونفعل، ولنجأر لله أن يفك أسرنا الاقتصادي ويفرج كربتكم، هذا ما استطعت قوله، وفهمكم كفاية.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/12/18 الساعة 02:14