صنفت سنة ٢٠٢٢ باعتبارها السنة الأسوأ اقتصادياً لسببين الأول، الخروج البطيء من تداعيات وباء كورونا اما الثاني فهي الحرب في اوكرانيا، لكن هل هي بداية نهاية الكابوس؟!.
الأردن ليس جزيرة نائية وهو ليس بمعزل عن تلك الاحداث بل على العكس فان الاقتصاديات الصغيرة هي الاكثر تاثرا بسلبيات التطورات العالمية، لانها تعتمد على المنح والمساعدات اكثر مما تعتمد على الانتاج وتعتمد على القروض والديون اكثر مما تعتمد على الايرادات الذاتية.نمو الاقتصاد العالمي تباطأ من 6,0% في عام 2021 إلى 3,2% في عام 2022 ومن المتوقع ان يستمر على هذا النحو في سنة ٢٠٢٣ ليتباطأ 2,7% اما التضخم العالمي وهو ارتفاع الاسعار فقد ارتفع من 4,7% في 2021 إلى 8,8% في 2022 على امل ان يتراجع إلى 6,5% في 2023 و4,1% في 2024. ما من حلول متاحة او معروفة لمواجهة التضخم سوى السياسة النقدية التي يتعين ان تواصل السيطرة على الأسعار، لكن الثمن هو ارتفاع تكلفة الاموال وما لم تجد تناغما من سياسة مالية لتخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة،فان الاوضاع المعيشية ستتجه نحو الاسوأ.بلغ معدل التضخم العالمي ذروته عند 9.5 في المئة في الربع الأخير من عام 2022. والسيناريوهات تقول ان الاقتصادات الثلاثة الأكبر، الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو، ستستمر في التعثر.. وهناك من الخبراء من يقول ان الأسوأ لم يأت بعد!.عام 2023 هو عام الركود، وتبدو الحلول العالمية ضيقة الحدود، فهذه الازمة لن تنفع معها سياسات التيسير الكمي التي واجهت ازمة ٢٠٠٨، بل مزيد من التشدد المالي والتقشف الذي تدفع ثمنه الطبقات المتوسطة في دول العالم والفقراء وهو ما سيترجم نفسه تلقائيا بارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة.غالبا ما كان علاج الأزمات الاقتصادية برش المال عليها، وهو ما رفع الدين العالمي الى مستويات شاهقة وليس مستغربا ان تكون مجموعة الدول النامية الاسرع في ارتفاع المديونية لحاجتها لتمويل عجوزات موازناتها لتاجيل مؤقت لعكس ارتفاع التكاليف ولكن الى حين هذه الاوضاع انعكست في الاردن بارتفاع الإنفاق العام إلى أكثر من اللازم مع ان المفروض في مثل هذه الحالات هو تجميد الانفاق العام والنتيجة ان العجز في الموازنة يزداد بشكل لا يمكن ان تغطيه القروض والحكومة التي تعهدت بعدم فرض او زيادة ضرائب لم تحد مسارا الا البدء بعكس التك?ليف بشكل مباشر وقد كان من الخطأ تاجيل عكسها بتثبيت اسعار المحروقات عندما كان ذلك ممكنا بنسب مقبولة.ظننا أن سنة ٢٠٢٢ ستكون سنة الانتعاش الاقتصادي، بعد انسحاب درامي لوباء كورونا وأن المنافع ستبدأ خصوصا من ناحية انخفاض أسعار المحروقات والقمح والأعلاف بشـكل ملموس، الى ان بدأت الحرب الروسية في اوكرانيا لننتقل من سنة صعبة ثانيـة الى سنة صعبة ثالثة!.كيف يمكن التخفيف من صعوبة السنة المقبلة؟!.لا شك هذا السؤال هو ما يحب أن يشغل وقت وتفكير صناع السياسة الاقتصادية، ما زال المجال متاحا لاجراءات جراحية تتناول المولدة العامة ومنها تخفيض الإنفاق العام المتكرر لتخفيض العجز في الموازنة الذي يزيد عن مليـار دينار سيجـرى تمويله بالديون.نحن الآن على أبواب سنة ٢٠٢٣، والموازنة التي قدمتها الحكومة تفتـرض أن أنها ستكون سنة صعبة ثالثة، فالعجز كبير، والحكومة تعالجه بعكس التكاليف الحقيقية للسلع وفي مقدمتها المحروقات لتقلل الحاجة للاقتراض. المتزايد وهو ما يثير دائما الانتقادات، فمن ناحية عكس التكاليف مرفوض ومن ناحية التوسع في الاستدانة لتعويض الفرق مرفوض ايضا، وهذه المعادلة الصعبة والمتناقضة تضعنا في حيرة اذ كيف يمكن تحقيق الاستقرار في الاسعار التي ترتفع من دون تغطية الفروقات فيها إما بالعجز الذي يعني الاستدانة واما من عكس الكلفة الذي يعني تراجع ?اد في مستويات المعيشة؟..qadmaniisam@yahoo.com