انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

ممنوع من الصرف


فارس الحباشنة

ممنوع من الصرف

مدار الساعة (الدستور) ـ نشر في 2022/12/13 الساعة 04:06
كم تضطر الى استبدال كلمات وعبارات وجمل، وفقرات، وكم تضطر احيانا الى استبدال مقال.
و كم تضطر احيانا الى نبش قواميس اللغة، والاستعانة بلسان العرب وقاموس المحيط للبحث عن كلمة ومترادفاتها .
الكتابة فخ، وفي الكتابة فن للنجاةوالهلاك، وكم من كلمة اهلكت رجلا، كم من كلمة قتلت رجالا، وكم من كلمة اوصلت رجالا الى اقبية السجون والاعتقال، والتشرد القسري .
لماذا نكتب ؟ قد تضطر احيانا ان تبحث عن نجاة، وتبحث عن ستر للنشر.
و من يقول ان ثمة حرية للكتابة يخدع نفسه، ويكذب على جمهوره.
نعم، قد تكون هناك حرية لمن لا يبحثون عن الكتابة الحرة والملتزمة والمسؤولة.
يمكن / مع الاحترام والتقدير/ له ان يكتب ما يشاء وكما يشاء، ودون حسيب ورقيب قبل النشر، لكن قد تطارده سلطة القراء بعد النشر.
وكم كاتب قد نحرته كتابة منشورة، وبعضهم سيرته ماتت ومحت، وشطبت من وراء مقال ومن وراء منشور نثري.
ومهما يكون من الصعب ان تستهبل على الناس، ومن الصعب ان تستهبل اولا على العقل والحكمة والضمير.
و الكتابة الملتزمة اولا هي منطوق العقل ومن ثم الضمير الحي.
احيانا تقف مضطربا وقلقا وخائفا، واعترف اني اشعر بالخوف..وكثيرا وانا جبان، واضعف امام كتابة منشور وتعليق عاجل عن طارئ سياسي
اردني وعربي.
فما بالكم لو اقول او ابوح عن مشاعري واحساسي وبواطني.. كم اني اخاف عندما اكتب مقالا ومنشورا صحفيا.
الحرية في عالمنا اليوم مجزوء نفسي وبيولوجي، وعندما تكون غزائزك جائعة ومتوحشةوخائفة تفقد الاحساس بالذات «الانا «، وتتحول الى حيوان ناطق وكاتب مسكون بالخوف.
كم اتمنى لو اني اكتب واتكلم لغة اجنبية ! واتقن غير العربية، وقادر على الكتابة والتعبير بلغات اخرى وبديلة، ولو بدائية .
نتقبل بصدر رحب وباسم الديمقراطية والحرية ما يكتب باي لسان وحبر غير عربي، ويعتبر رأيا اخر، ورأيا مضادا وحرية تعبير مصانة ومقدسة، فما هو حلال عليهم حرام علينا.. فسبحان مسخر اقدار الحريات !
وهو نوع من الانفصام « شيزوفرينيا «.. نعم، وهذا ما احس به واصاب به احيانا عندما ادخل في تحليلات سياسية واجتماعية ودينية ونقدية اردنية وعربية.. سرعان ما اعرف كم انها مفصوم، وعندما تنطق وتكتب، او عندما تتحدث مع الداخل والخارج.
و اعرف ايضا ان كثيرا مما نكتبه ليس مهما ومؤثرا، ولا احد يقرأه ولربما ان تم قراءته فانهم لا يفهمونه..والعرب قالوا ساخرين ومستهترين عن الكتابة على الماء والرمال المتحولة، وبالمعنى الحداثي انها العدمية والعبثية، فلماذا اكتب واتكلم اذن ؟!
و في اللغة النحويون «علماء اللغة « ابتدعوا في الجملة العربية الممنوع من الصرف..وكما لو انهم قالوا احكي ما تشاء ونفعل ما نشاء.. كم نحن غافلون عن حقيقة فظيعة في بنية الجملة والكلام العربي، انه الممنوع من الصرف.
مدار الساعة (الدستور) ـ نشر في 2022/12/13 الساعة 04:06