قوة الدولة بشكل عام كانت وما زالت تعتمد على السكان والجغرافيا والموارد بشتى صنوفها إلى جانب حسن التخطيط الاستراتيجي والإرادة العامة للدولة، وهذه هي العوامل التي أصبحت بحاجة دائمة للتحديث والتطوير الى جانب الكثير من موارد القوة التي تحتاج إلى دراسات لتوضيح دورها في زيادة قدرة الدولة وكفاءتها في تغيير ما يمكن تغيره، لهذا يجب الاتجاه الى ما يسمى بالقوة الذكية وليست القوة العميقة أو الدولة العميقة كما يسميها البعض، هذه القوة الذكية للدولة يمكنها إعادة ترتيب الإمكانيات واستخدام مصادر القوة الكاملة والكامنة وتنسيق الأولويات لكي نخدم الوطن وابناءه ونلبي احتياجاتهم من خلال بناء استراتيجية الاستخدام الصحيح والسليم لما نملك من مصادر.
ان التقدم التكنولوجي وعصر العولمة والرقمنة في هذا الزمن أصبحت عناصر قوة حديثة من لا يمتلكها لا يمتلك القوة، ولن يحقق كل الاهداف، لذلك لا بد لنا أن نسعى لاستلهام واستيعاب هذه القوى الذكية الجديدة وتوظيف قيمها وسياساتها لخدمة الناس وقوة دولتهم، حيث أصبح العامل التقني أحد أهم مقاييس قوة التقدم والتأخر للدول، ولذلك أصبحت القوة التكنولوجية وامتلاكها مصدرا أساسيا للثروة الوطنية ولتطوير المجتمع بشكل متحضر مدني فاعل ومتفاعل في الحياة الوطنية.وعليه فإن على الدولة أن تركز وتعي بأن وسائل الاعلام والاتصال الحديثة ذات المهنية العالية، هي من العناصر الرئيسية في إعطاء مستوى قوة الدولة ومتانتها ومكانها محلياً ودولياً ولها دور كبير في تغيير ثقافة الاتجاهات والقناعات السياسية والاجتماعية، ثم أن على الدولة أن تعي وتستثمر موارد القوى البشرية المؤهلة والمدربة وما تملك من طاقات قادرة على التفاعل الإيجابي مع كل مجريات العصر الحديث، وهذا كله لا يمكن أن نحصل عليه الا من خلال إدارات رشيدة نزيهة مستقيمة، استقامة تحفظ العدل والمساواة وبعيدة عن الفساد والافساد للدرجة التي تمكنها من تأدية دوراً مهماً في تحديات قوة الدولة وتعزيز وجودها ومكانتها وتحقق الإصلاح بكافة اتجاهاته اصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي وتعليمي تحت مظلة واحدة هي حاكمية القانون وسيادة الدستور والحفاظ على مؤسساته الشرعية وصيانة استقلاليتها وحفظ هيبتها وأن تكون التداخلية بينها لمصلحة الوطن العامة.