كانت جلسة مجلس النواب مطلع هذا الاسبوع مليئة بالتناقضات وعكست مواقف حادة باتجاهات مختلفة. وان توقع السادة النواب ان الرأي العام اقتنع بالطروحات المقدمة خلال الجلسة فعليهم اعادة النظر وبشكل كلي.
لم تلجأ الحكومة الى رفع اسعار المحروقات ترفًا او رغبة منها باثقال كاهل المواطن. فمن لا يدرك ارتفاع اسعار النفط عالميا فهو معزول عن هذا العالم، وان توقع السادة النواب ان تستطيع هذه الحكومة او اي حكومة مسؤولة غيرها تغطية كلفة ارتفاع اسعار النفط من الموازنة العامة فإن هذا التوقع غير موضوعي وغير مدرك لتبعات الامر على الموازنة العامة التي حملت عبئًا اضافيا قدره ٥٥٠ مليون دينار خلال الاشهر الاولى من هذا العام. ولا يمكن تحمل اي عبء اضافي فوق ذلك يوصل وضع الموازنة والدين العام الى مستويات قياسية مع نهاية العام. لا سيما وان الاردن اجتاز المراجعة الاخيرة مع صندوق النقد الدولي بشق الانفس وعلى موعد مع مراجعة لاحقة مع نهاية الربع الاول من العام القادم.والمستغرب في الامر هو طلب عدم رفع سعر المحروقات او حتى تخفيضها وعدم زيادة عجز الموازنة العامة وكبح زيادة الدين العام في ذات الوقت!!ان المعادلة واضحة وسهلة لمن اراد ان يقرأها بعين منصفة وواعية وبعين وطنية مسؤولة؛ ان ارتفاع اسعار النفط ارتفاع عالمي والاردن ليس منتجا للنفط ويستورد النفط وفق الاسعار العالمية وان لم يقم برفع اسعار المحروقات او تعديلها وفق التغير في الاسعار العالمية فسيعمل على زيادة العجز في الموازنة العامة المرتفع اصلا او عليه توفير مصدر تمويل بديل او تقليص اوجه انفاق اخرى داخل الموازنة. ان الموازنة العامة الاردنية لا تتوفر فيها اي مرونة مع ما تشكله النفقات الجارية من الايرادات المحلية والتي تقترب من ٩٠ في المائة وهي مرتفعة بكل المقاييس.ان الموازنة العامة تصدر بموجب قانون يتم اقراره من قبل مجلس النواب والاعيان بعد دراستها بعمق من قبل اللجان المالية في المجلسين ومناقشتها مع الحكومة بكل تفاصيلها . فالكل مسؤول امام الوطن والمواطن. والحكومة والبرلمان يحب ان يكونا عند ثقة جلالة الملك باداء الواجب والاضطلاع بالمسؤولية الوطنية على النحو الافضل. لم اسمع كمواطن متابع لجلسات المجلس اقتراحات واضحة ومحددة لحل مشكلة ارتفاع اسعار المحروقات عالميا وامتصاص اثرها داخليا. والاخطر من ذلك هو الانتقاد غير الموضوعي والاستعراض والتحريض للاسف من قبل البعض ودعم توجهات بعض القطاعات على الاضراب رغم الضرر الواضح والكبير لمثل هذه الخطوات على الاقتصاد الوطني. وان اضراب الشاحنات على وجه الخصوص سيكون له عواقب وخيمة وتبعات سلبية كبيرة على القطاع التجاري.اذ ان تكدس البضائع في ميناء العقبة سيرتب كلف اضافية على المستوردين ويرفع اسعار العديد من السلع المستوردة وقد يؤدي الى تلف بعضها واختفائها من الاسواق مما يؤدي في نهاية المطاف الى الاضرار بالمستهلك . وهذه اضرار لا يرغب احد بها. علينا جميعا ان ندرك ان الحكومة لا تملك القدرة على دعم المحروقات وان فعلت فانها تجازف مجازفة كبيرة لها تبعات اقتصادية كبيرة على الاجل المتوسط والبعيد. اتمنى كمواطن ان ارى مجلس نواب يساند الحكومة ويتعاون معها باقتراح حلول وبحث البدائل الممكنة لحل المشكلات ومواجهة التحديات الاقتصادية المختلفة.واراهن على وعي نواب الوطن والمواطن والقطاع الخاص وتفهمهم لتبعات اضرابات بعض القطاعات وكلفها الآقتصادية. الكل مسؤول ولا جدوى من مواصلة اضرابات تضر بالاقتصاد الوطني والاجدى ايجاد حلول للوصول الى حلول متوازنة تخدم الوطن ولا تعطل اداءه. وعلى مجلس النواب تحديدا ان يطرح مبادرات توافقية لانهاء الاضرابات واعادة الامور الى نصابها السليم
تناقضات في جلسة النواب
مدار الساعة ـ