إذا علمنا أن عدد الجامعات الاردنية الحكومية منها، والخاصة ما يقارب من ثلاثين جامعة فهذا مصدر فخر لنا من جهة ولكن اذا ما علمنا من جهة اخرى بأنها كلها محرّم ان يرأسها أي من الاكاديميات الاردنيات الكفؤات فهذا دون شك امر صادم، وينبغي التوقف عنده بتأني لأنه يشكك في صدقية الادعاء بتمام مسألتي العدالة و المساواة امام القانون بين الرجل والمرأة في الاردن بشكل عام؛ فالادعاء للأسف منقوص منهجياً وسلوكياً ويفتقر لأمثلة تثبته على الارض؛ فالموقف من ذلك هو جندري و ميل بالمفهوم الغريزي، ويعتبر للأسف الدافع الاكبر في كثير من الحالات.
اعتقاد البعض ان المرأة اقل كفاءة معرفية أو قيادية من الرجل هو اعتقاد خاطئ وباطل بالوقت ذاته، والامثلة التاريخية والحالية تعج بالأسماء البيضاء والتي فرضت نفسها الى جانب قرينها الرجل في سفر الانجازات وبقوة. وهنا فليعذرني ابناء جنسي اذا قلت بان الدراسات العلمية الحديثة والتي تناولت قضايا الفساد الاداري والمالي في المؤسسات القيادية وجدت للأسف بان نسبة فساد الرجال تتفوق كثيراً على النساء، ناهيك على أن تراجعاً حاداً طرأ على المستويات الاكاديمية والادارية والخدمة المجتمعية لدور بعض الجامعات في ظل قيادات ذكورية، وهذا لا يعني بالضرورة أن الحُكم ونتيجة الدراسات تنسحب على كل القيادات الذكورية.
فإذا كان موقع رئيس او رئيسة الجامعة هو موقع يتطلب خليطاً ما بين العنصر الاكاديمي والاداري القيادي، فهذا بوضوح يتوافر لدي الاكاديميات ايضاً واللواتي يعملن كعميدات ونواب للرئيس، إلى جانب الدور المعرفي الاساسي الذي يقمن به في التدريس والبحث العلمي. ولا تخرج الوظيفة القيادية للمرأة كونها " مدرسة" اذا اعددتها جيداً اعددت شعباً طيب الاعراق، فالمدرسة تقوم بدورين اساسيين هما التربية و التعليم ، وهنا فالوظيفة القيادية للمرأة في المجتمع هي امتداد لذلك الدور بكل ما طرأ عليه من تحسين وارتقاء على المستويين التعليمي والتثقيفي؛ فاذا كان التوجه العام نحو اشراك المرأة الاردنية في بناء المجتمع الى جانب الرجل حقيقياً فحريّ بنا ان يشمل الاشراك مواقع مختلفة ومؤثرة وممتدة على عكس المناصب الشرفية لبعض الحقائب الوزارية غير المُهمة.
وهنا يسجل للحكومة ولمجلس النواب الانتصار للمرأة فيما يتعلق بإلغاء المادة 308 وعليهم جميعاً أن يبنوا على هذا الاستحقاق لا ان يخدشوه او يهدموه ، وذلك من خلال رسم منحى متصاعد يرسخ صدقية وجدية الحكومة والمؤسسات باعتبار المرأة نصف المجتمع إن لم تكن ثلثيه. فاشراك المرأة هو فخر وثقة الدولة بمخرجات مؤسساتها فالمرأة كحال الرجل هي ناتج تفاعل المؤسسات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها والتي شكلت شخصيتها المتميزة، فاذا وثقنا بمؤسساتنا الوطنية كان لزاماً علينا الوثوق بمخرجاتها من كلا الجنسين.
لم يمض الوقت بعد لتدارك ما يمكن تداركه، وما يمكّنا من اعادة رسم حدود العلاقات المجتمعية وتوجيه مساراتها انسانياً ومؤسساتياً بطريقة تصحيحية ، وتشكيل ثقافة جديدة؛ احد معالمها هو البدء باتخاذ توجهات حقيقية، ومغايرة لما تراكم في ذهنية بعض المسؤولين واصحاب القرار؛ من اعتماد تصنيف غير عادل وغير منطقي في اسناد ادوار قيادية للبعض دون الاخر، بالتوازي مع الجهود الحثيثة التي تقودها جلالة الملكة رانيا العبدالله والتي تسعى من خلالها لإثبات كفاءة وقدرة المرأة الاردنية في كافة الميادين التعليمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها.
adel.hawatmeh@gju.edu.jo