مدار الساعة - عندما تعتاد كل غريب تفقد قدرتك على الدهشة.. وعندما تعتاد الألم تفقد قدرتك على الإحساس بالمزيد من الألم.. لكن يبدو أن هناك المزيد مما يمكن أن يثير غضب وانتباه الشعب اليمني، الذي يعاني ويلات حرب دامية، ومجاعة طاحنة بالفعل.
فقد احتشد نحو 10 آلاف شخص في ساحة التحرير بالعاصمة اليمنية صنعاء، مساء أمس الإثنين 31 يوليو/تموز 2017، ليتابعوا تنفيذ حكم الإعدام في شخص مدانٍ باغتصاب وقتل طفلة لم تتجاوز الـ3 سنوات من عمرها، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام ببطح الرجل أرضاً، وإطلاق النار عليه من فوهة سلاح أوتوماتيكي.
ورغم أن تنفيذ أحكام الإعدام بصورة علنية ليس أمراً جديداً ولا مستغرباً في اليمن، إلا أن النقل الحي والمباشر على الهواء لهذا الإعدام الذي نفذته قوات المتمردين الحوثيين في العاصمة اليمنية التي يسيطرون عليها منذ أكثر من عامين من حرب البلاد المستعرة- هو أمرٌ تشوبه الغرابة.
ولعل شناعة الجريمة التي ارتكبها القاتل المغتصب، مضافاً إليها الغضب العام العارم، كانا الدافع لقرار نقل الحدث مباشرة على التلفزيون.
وكانت محكمة حوثية قد أدانت المتهم الذي أعلنت وكالة سبأ الإخبارية اليمنية، أن اسمه محمد مجاهد سعد المغربي (41 عاماً)، بتهمة الاعتداء على الطفلة ذات الـ3 أعوام رنا المطري.
ووجهت الدعوة إلى مسؤولي المحكمة وعائلة الضحية ووكالات الأنباء المختلفة لحضور تنفيذ الإعدام، بحسب الوكالة التي قدرت أن أعداد المتجمهرين ممن حضروا تنفيذ الحكم في ساحة التحرير بصنعاء تقدر بالآلاف.
واتساب وتسلق الأعمدة
وشوهد العديد من المتفرجين وهم يصورون الحدث بكاميرات هواتفهم، حتى إن البعض تسلَّق أعمدة شبكة الهاتف، وبرز إلى أسطح المباني ليحظى بمشاهدة أفضل.
وقال طالب جامعي في الـ23 من العمر اسمه شمسان اليافعي، إنه وغيره من الحضور قد علموا بأمر حكم الإعدام المزمع وزمانه ومكانه من رسائل انتشرت يوم الأحد على تطبيق WhatsApp وفيسبوك، حتى إن البعض احتشد من الـ7 صباحاً، أي قبل موعد تنفيذ الحكم بساعتين لمشاهدة الحدث، كما حمل البعض لافتات كتب عليها "العدالة تنتصر" و"لن يذهب دم رنا سدى".
وأضاف اليافعي، أن أحاديث تواترت عن كون المتهم المدان مختلاً عقلياً، إلا أنه مع ذلك رأى أن النتيجة "جيدة طالما أنها مبنية على حكم قضائي".
وتحدثت نيويورك تايمز إلى عبدالكريم زراعي (32 عاماً)، الذي يعمل مصوراً إخبارياً، فقدّر أعداد الحضور في ساحة التحرير لمشاهدة الحكم بـ10 آلاف شخص، مضيفاً أن الأغلبية الساحقة منهم استحسنت الحكم، وكثيرٌ منهم هتفوا "يحيا العدل!" فيما الجلاد يفرغ محتوى سلاحه في رأس الجاني.
والد الضحية: أول يوم في حياتي
وقد أظهرت صور الأخبار الجاني وهو ملقى على بطنه، مكبل اليدين خلف ظهره، بينما وقف فوقه جندي أو رجل شرطة بزي رسمي ليطلق عليه النار.
والد الضحية، يحيى المطري، قال بعد إنفاذ الحكم إنه شعر بتحقق العدالة، مضيفاً "هذا هو أول يوم في حياتي. أنا الآن مرتاح"، بحسب وكالة رويترز.
وكانت الطفلة الضحية قد قُتلت، في الـ25 من يونيو/حزيران، أول أيام عيد الفطر السعيد، في اليمن، أفقر بلدان الشرق الأوسط.
ويقدر أن 10 آلاف شخص على الأقل قد قُتلوا في الحرب الدائرة بين المتمردين الحوثيين المدعومين إيرانياً، وبين التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، التي ترى في إيران عدواً وخطراً إقليمياً. حرب البلاد لم تقتصر ويلاتها على خسائر الأرواح فحسب، بل جرَّت معظم البلاد إلى حافة المجاعة، وأدت إلى تفشِّي وباء الكوليرا، الذي أصاب 400 ألف يمني تقريباً.