مدار الساعة -ليث الجنيدي/ الأناضول -دعا أمين عام اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس، عبد الله كنعان، المجتمع الدولي إلى التحرك الفاعل تجاه الفلسطينيين، أسوةً بمواقفهم من الأوكرانيين في ظل الحرب الروسية، منتقدا "ظاهرة الكيل بمكيالين".
جاء ذلك في مقابلة أجراها مراسل الأناضول مع كنعان في مكتبه بمقر اللجنة (بالعاصمة عمان) وهي حكومية تأسست عام 1971، وأُعيد تشكيلها عام 1994.وتناول كنعان أبرز المخاوف التي تُقلق بلاده إزاء القدس قائلا إن "واقع الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس المرفوض تاريخيا وشرعيا وقانونيا والذي يعيش تحت وطأته أهلنا منذ عقود طويلة أمر خطير في هذا العصر الذي تُرفع فيه شعارات حقوق الإنسان والحرية والعدالة".وتابع: "النتيجة المنطقية لهكذا واقع هو إثارة المخاوف المشروعة وحالة من القلق الأردني والعربي والإسلامي والعالمي الحر، خاصة ما نلحظه والعالم كله من اعتداءات وانتهاكات إسرائيلية احلاليّة استعمارية ممنهجة بشكل يومي (..) وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة".وأضاف أن تلك الاعتداءات والانتهاكات "جميعها جرائم يحق للعالم وصفها بالوحشية، باعتبارها تطال الإنسان والشجر والأرض، وتهدف إسرائيل من هذه السياسة إلى تهويد مدينة القدس بالكامل وفرض هوية صهيونية واحدة مختلقة ومحو الهوية العربية التي تعود جذورها في مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف عام".ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمها في 1981 إلى الشطر الغربي وإعلانهما عاصمة موحدة لها.وأردف كعنان: "إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال تستند إلى تنفيذ مخططٍ يسعى، بشكل متسارع وضمن زعم ما تُسمى يهودية الدولة، إلى جعل القدس الكاملة الموحدة عاصمة مزعومة لإسرائيل، وبشكل يخالف صراحة الحقائق التاريخية والشرعية والقانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويهدد الوضع التاريخي القائم، والذي وفّر عبر تاريخ المدينة حرية العبادة".وتابع: "بالتالي، فإن القلق مصدره السلوك الاستعماري الإسرائيلي الذي يهدد القيم الحضارية ويفرض أزمة أخلاقية وإنسانية وسياسية في المنطقة من شأنها زعزعة الأمن والسلام وبث الكراهية والشر والمضي بالمنطقة لحرب دينية لن يجد معها العرب والمسلمون إلا سبيل النضال والدفاع عن وجودهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية".** على رأس الأولوياتوحول آلية الأردن لإعادة زخم القضية الفلسطينية أوضح كنعان أن "الدبلوماسية والسياسة الأردنية، وبتوجيهات ملكية سامية مباشرة، تسير في جهودها الدولية وفق ثوابتها تجاه القضية الفلسطينية وتسعى لتنفيذها مع جميع الجهات ذات الاختصاص".واستشهد بخطاب ملك الأردن عبد الله الثاني خلال افتتاحه للدور الثاني للبرلمان، في 13 نوفمبر الماضي، عندما قال: "سيبقى (دور الأردن) منصبا على الدفاع عن القضية الفلسطينية التي كنا وما زلنا وسنبقى على مواقفنا الداعمة لها، وهي على رأس أولوياتنا ولا سبيل لتجاوزها إلا بحل عادل وشامل يبدأ بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة".واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام التي وقعها مع إسرائيل في 1994.وفي مارس/ آذار 2013، وقع الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين.** المواقف الدوليةوبسؤاله عن نظرة المملكة تجاه المواقف الدولية من الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس الشرقية، أجاب كنعان بأن "القاعدة العامة للعلاقات الدبلوماسية الدولية هي المصالح الوطنية والإقليمية، وعلى هذا الأساس تتبنى الدول برامجها وأجنداتها التي تتضح في ما تقوم به من أدوار أو تفصح عنه من مواقف عملية".واستطرد: "لذا ونظرا للعلاقات التاريخية والعقائدية العربية والإسلامية تجاه فلسطين المحتلة بما فيها القدس، إضافة إلى كونها تشكل لهذه الدول بعد وطنيا وقوميا وجزءا من أمنها، فهي ترفض الاحتلال الإسرائيلي وتتطلع إلى تحقيق سلام عادل يقوم على الحقائق التاريخية والشرعية".وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ أبريل/ نيسان 2014 لعدة أسباب بينها رفض تل أبيب وقف الاستيطان وإطلاق سراح معتقلين قدامى، بجانب تنصلها من مبدأ حل الدولتين.وبالنسبة للمواقف الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها، قال كنعان إنه "صدر عنها مئات القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية تدين فيها الاحتلال والاستيطان والعنصرية الإسرائيلية".ورأى أن "الإرادة الدولية ما زالت لا تجد آلية لتطبيق قراراتها ضد إسرائيل، بما في ذلك تفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على اتخاذ جملة من التدابير لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، ومن المؤسف أن هذه الإرادة موجودة وبفعالية اليوم في الصراع الأوكراني الروسي، لنعيش عمليا ظاهرة الكيل بمكيالين".ومنذ 24 مارس/ آذار الماضي تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم عديدة، في مقدمتها واشنطن، إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية شديدة على موسكو ودعم كييف بمساعدات متنوعة ومكثفة.وشدد كنعان على أن "الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ضد أهلنا في فلسطين واقتحاماته لمدن القدس ونابلس والخليل وحصاره لقطاع غزة وقصفه بشراسة والاعتداء على الإعلام الذي ينقل الأخبار والحقائق، ومثال ذلك اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة (11 مايو/ أيار الماضي) وأمام أنظار العالم، يستدعي موقفا دوليا يتجاوز القرارات غير المفعلة والتصريحات والاحتجاجات التي لا تمنع قصف العزل في فلسطين من الأطفال والنساء والشيوخ".** التنسيق العربيوفيما يتعلق بمستوى التنسيق الأردني العربي، أكد كنعان أن "المملكة شعبا وقيادةً جزء أصيل من الأمتين العربية والاسلامية يؤمن بأن الأمن العربي والإسلامي واحد ويعي أن الخطر الصهيوني الاحلاليّ يهدد الأمة وثرواتها".واستطرد: "وبالتالي، فإن التنسيق الشامل هو طريق مهم نحو الوحدة المأمولة وسبيل لتوحيد الجهود في مواجهة الأخطار والتحديات، وفي مقدمتها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية، من هنا كان حضور الأردن الدائم وعلى أعلى المستويات للقاءات والاجتماعات العربية، لكن المطلوب اليوم العمل على تنفيذ قرارات وتوصيات اللقاءات العربية".** ضغط متواصلوردا على سؤال بشأن المطلوب دوليا تجاه القضية الفلسطينية وإن كان يوجد تواطؤ مع إسرائيل، أجاب كنعان بأنه "ما دامت فلسطين والقدس محتلة ويتعرض أهلها لجرائم يومية فإن هناك الكثير من الواجبات والأعمال الدولية المطلوبة لرفع الظلم ووقف الاحتلال والجرائم ضد المدنيين العزل في فلسطين المحتلة بما فيها القدس".وتابع: "هناك حاجة ماسة لمواصلة العالم ضغطه على إسرائيل والتوقف فورا عن سياسة الكيل بمكيالين وعدم قيام بعض القوى العالمية بإجراءات استفزازية لن تزيد الوضع إلا تعقيدا، مثل تصريحات بعض الدول بأنها ستنقل سفاراتها إلى القدس؛ فهكذا تصريحات منحازة إلى إسرائيل ستزيد عنجهيتها وضربها بالقرارات والشرعية الدولية بعرض الحائط".وتساءل كنعان: "جميع دول العالم أقرت بحل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) وأكدت أنه السبيل الوحيد للسلام، فما الذي يمنعها من المطالبة بتنفيذه (؟) وإلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون (؟) وإلى متى ستبقى دون عقوبات دولية أسوة بالدول التي تخالف الشرعية والإجماع القانوني الدولي بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة(؟)".** تصعيد محتملولم يستبعد كنعان حدوث مزيدٍ من التصعيد في الأراضي الفلسطينية، مشددا على أنه "ما دام الاحتلال قائما في الجرائم والاعتداءات سوف يستمر التصعيد ويضاعف حجمه الصمت الدولي وعدم القيام بخطوات ملموسة لإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وفوز وصعود الأحزاب السياسية الإسرائيلية اليمينية المتطرفة (في انتخابات الأول من نوفمبر الماضي) جميعها مؤشر خطير بأن الأوضاع سوف تزداد صعوبة على أهلنا في فلسطين والقدس".ودعا إلى "إرادة دولية حقيقية تدعم الشرعية الدولية ووحدة فلسطينية وعربية"، مؤكدا أنها "السبيل لوقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية".وزاد بأنه "يجب على إسرائيل ومن يؤيدها أن تعِ أن السلام لن يتحقق بالتطرف والتهويد والأسرلة والاستيطان والاقتحامات، خاصة في ظل وجود حالة تذمر عالمية من السياسة الإسرائيلية، بما في ذلك رأي بعض الساسة والمفكرين وبعض الأحزاب اليسارية الإسرائيلية ممن يرون في اليمين الإسرائيلي سلوك يهدد مستقبل إسرائيل نفسها".وختم كنعان بدعوة الإعلام العربي والإسلامي والدولي إلى "توضيح حقيقة الاحتلال وجرائمه في فلسطين والقدس وبكافة اللغات ليعلم العالم أننا أمام نموذج أبرتهايد (فصل عنصري) وعنصرية لا يمكن الصمت عليه في عالم يدعي الحرية والسلام والديمقراطية".
عبد الله كنعان: الإرادة الدولية لا تجد آلية لتطبيق قراراتها ضد إسرائيل
مدار الساعة ـ
- الإرادة الدولية لا تجد آلية لتطبيق قراراتها ضد إسرائيل، ومن المؤسف أن هذه الإرادة موجودة وبفعالية اليوم في الصراع الأوكراني الروسي لنعيش عمليا ظاهرة الكيل بمكيالين
- هناك حاجة ماسة لمواصلة العالم ضغطه على إسرائيل والتوقف فورا عن الكيل بمكيالين
- استمرار الصمت الدولي وفوز وصعود الأحزاب السياسية الإسرائيلية اليمينية المتطرفة جميعها مؤشر خطير بأن الأوضاع ستزداد صعوبة على أهلنا في فلسطين والقدس
حجم الخط