اعتدنا وفي وقت مضى على أن دائرة الضريبة لا عمل لها سوى فرض الضرائب؛ مبيعات ودخل على السلع والخدمات لتعويض العجوزات في الموازنة ورفع ايراداتها، غير أن هذه المرة مختلفة تماما فالضريبة ووزارة المالية اتخذتا قرارا جريئا باتباع مسار وعر استفاد منه المواطنين من اصحاب الدخول الفقيرة والمتوسطة وتضرر منه اصحاب الأموال والهوامير، ومن هنا فلنتخيل ماذا لو استمرت الحكومة باتباع نفس نهج سابقتها؟
في الحقيقة لو ان الحكومة ووزير ماليتها ودائرة ضريبتها ذهبوا الى المسار السهل والمتمثل في فرض الضرائب على السلع والخدمات كما وفي كل مرة اعتدنا عليها من قبل الحكومات السابقة لتحسين الايرادات وسد العجز في الموازنة وتسديد الديون كنا سنجد الحال مختلفا تماما عما هو عليه الآن، ومن هنا نتساءل ماذا لو ان الحكومة الحالية ذهبت الى رفع ضريبة المبيعات من 16-20% ورفعت ضريبة الدخل على الشركات والتي هي بالأصل ملتزمة بسداد مستحقاتها ضريبيا ووضعت ضريبة على الصادرات والتعدين وغيرها من القطاعات الاقتصادية ورفعت اسعار كل شيء من الخدمات؟، وبالتأكيد هنا الجواب سيكون مزيدا من رفع الاسعار ونسب التضخم ومزيدا من الاعباء الاقتصادية التي ستتعمق على الجميع.وليس هذا وحسب، فجاذبية الاستثمار لدينا ستتأثر نتيجة تراجع النمو الاقتصادي الناجم عن تراجع مختلف القطاعات الاقتصادية لضعف الحركة التجارية لضعف القدرة الشرائية، الأمر الذي سيؤثر على قوتنا الاقتصادية وتراجعنا على مختلف المؤشرات العالمية، ما سيساهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وخلق حالة من الركود والكساد والتباطؤ التجاري وهذا ما لم نصل اليه بفضل المسار المهم الذي اتبعته الحكومة بكافة اجهزتها من خلال سد العجوزات الناتجة عن الضغوط الاقتصادية العالمية من خلال تحصيل اموال مستحقة من قبل مكلفين كانوا يراوغون بالواسطة والمحسوبية والنفوذ لكي لا يدفعونها ويتجنبونها.ما يثبت التوجه الحقيقي لوزارة المالية ودائرة الضريبة باتجاه مسار ملاحقة المتهربين هو ارتفاع إيرادات ضريبة الدخل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بنسبة 29% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث ارتفعت بواقع 300 مليون دينار لتصل إلى 1.334 مليار دينار مقارنة مع 1.033 مليار العام الماضي لتشكل تلك الايرادات ما يقارب 103.5% من القيمة المقدرة للعام الحالي، وفي المقابل بلغت قيمة إيرادات الضريبة من السلع والخدمات حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي 3.079 مليار دينار مقارنة مع 2.95 مليار 4.3%، وفي حين بلغت الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية (الجمارك) 175.4 مليون دينار مقارنة مع 248 مليون للفترة نفسها وبنسب تراجع 29% غير انها استطاعت ضبط التهريب من العقبة الى مختلف مناطق المملكة.أن تكون المالية ودائرة الضريبة معنا ولصالحنا افضل من أن تكون علينا كما في الفترات الماضية، وعلى ذلك فاننا ندعمها في مسارها الجديد رغم المخاطر والضغوط التي قد يواجهونها من قبل المتهربين والمهربين، فالمواطن وبحسب الوزير نفسه لم يعد قادرا على تحمل اي فلس إضافي يدفعه بدل ضريبة او رسوم جديدة، بينما غيره من المستحقين يسرحون ويمرحون ويزدادون غناء على حساب الوطن والمواطن معا.
'الضريبة' إذ تنتصر للمواطن.. غريبة!
مدار الساعة (الرأي) ـ