لا يساهم المواطن الأردني كثيرا برسم مستقبل مدينته ولا مستقبل التنمية في محافظته، ويزيد على ذلك أن السلطات المحلية حتى لو كانت منتخبة تستحوذ على خطط وآليات التنفيذ، وبمعزل شبه تام عن أهمية توسيع القاعدة الشعبية لمشاركة صناعة القرار.
يقتصر دور المواطن بالتذمر والشكوى من تردي الأوضاع، ويكتفي الأغلبية للإشارة إلى أن الفساد هو السبب، بينما لا يقدم أحدهم مقترحا فاعلا، وإن قدم فتجد الغالبية تهاجم وتشكك وتعود للحديث عن دوامة الفساد، ويجب عليك عندها أن تتحدث بلسان الغالبية لتجد تقبلا لما تطرح وتسير مع التيار. المواطن الأردني في القرى والمدن والبوادي والأرياف والمخيمات يجد المجالس المحلية المنتخبة من بلديات ومجالس، وعلى الرغم من صرف وإنفاق عشرات الملايين، لا تحقق التنمية المنشودة، بينما ما تزال قضايا الفقر والبطالة تزداد. على مستوى المملكة، فمجلس النواب المنتخب هو المعني بمناقشة بنود الموازنات، ولم نسمع يوما عن طرح تعد له اللجان المالية في المجلس بشكل جيد، ويتبنى نماذج إقتصادية عالمية فاعلة ومجربة، لنحقق بنود وإدارة إنفاق من شأنها تحقيق التنمية المنشودة. نثق كثيرا بالطبع بمجلس النواب الموقر ولجانه، ونثق بمجالس المحافظات وبمجالس البلديات، ونثق بمجالس المفوضيات وأمانة عمان وبكل المجالس التنفيذية والإدارية في كل الهيئات والشركات الحكومية، ولكننا نسعى للأفضل.ثقافة مشاركة صناعة القرار عبر الإقتراح وتبادل الآراء أمر شبه غائب لدينا، والأحزاب والإعلام والسوشيال ميديا ومجموعات التأثير ومؤسسات المجتمع المدني لا تهتم كثيرا. المطلوب اليوم وقبل وضع اللمسات النهائية على عملية موازنة ٢٠٢٣ الإنتباه لما يلي في بنود النفقات: - المديونية الخارجية وخطر نمو فوائد القروض- المديونية الداخلية وخطر شح السيولة عند تأخير السداد- ملفات ملحة لا تحتمل الإنتظار كالشح المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة وكلف الحلول- كلف بنود التوجهات الوطنية لتحديث منظومات السياسة والإقتصاد والإدارة- كلف مطلوبة لتغطية التوسع بالبنى التحتية والفوقية والشبكات والخدمات، مقابل الزيادة السكانية الطبيعية وغير الطبيعية... - كلف مطلوبة لتحديث وصيانة وترميم القائم من البنى الفوقية والتحتية والشبكات- الكلف الإعتيادية الجارية من رواتب القطاع العام، وكلف خدمات تقدمها الحكومة كالتعليم والصحة والأمن، بجانب مظلة الأمان الإجتماعي- كلف الأمن الوطني الإعتيادية، بجانب كلف حماية حدودنا الشمالية أمام مخاطر الإختراق ومخاطر تهريب السلاح والمخدرات... - وعلى الرغم من العجز المتوقع بعملية الموازنة، فيبقى إضافة بنود تنمية الإبداع والإبتكار والريادة والتدريب والتحديث والتطوير والبحث العلمي وتنمية الشباب، أمرا ملح ومصيري للدولة الأردنيةفرص في بنود الإيرادات:- مطلوب جهود دبلوماسية أردنية حثيثة ومكثفة لمحاولة إقناع الدول الدائنة بمبادلة جزء من ديونها بمشاريع إقتصادية إستثمارية على أرضنا في مجال الإقتصاد الأخضر لإستدامة الكوكب، حيث أننا إحدى دول العالم المتضررة والتي تعاني تبعات التغير المناخي الناتج عن ظاهرة الدفيئة التي تنامت بسبب الدول الصناعية، وهي ذاتها الدول الدائنة، فلقد ألقى التغير المناخي علينا بظلاله؛ شح مائي وتدهور أراضي صالحة للزراعة، وزيادة الطلب على وسائل وتكنولوجيا التبريد المستوردة... وكلها ذات كلف كبيرة يجب حسابها، فضلا عن إنعكاسات تأخير وإعاقة فرص النمو الإقتصادي علينا. - مطلوب جهود دبلوماسية أردنية مكثفة يتشارك فيها مجلسي النواب والأعيان ووزارتي الخارجية والتخطيط بتغطية وإسناد من مكتب جلالة الملك، بهدف إبراز تحدياتنا المالية أمام الدول الدائنة والناتجة عن إستقبال ٢ مليون لاجيء بعد الربيع العربي، متحملين ذلك وتبعاته عن العالم والإقليم وعن أوروبا خاصة.،،، وقد كتبنا سابقا عن ذلك بشكل مفصل... وأخيرا، فعلى وزارة المالية المضي قدما بتنفيذ خطتها لتحقيق ميزانية ذكية توازن بين الكلف الجارية والرأسمالية، مع حسن إدارة النقد والعملة الصعبة. بينما فإنه على الوزارات والهيئات المستقلة الحد من الكلف الجارية ما أمكن، وتعزيز النفقات الرأسمالية من الفوائض، لينتعش القطاع الخاص... - المشاريع الكبرى من طراز صندوق الإستثمار الوطني والمدينة الجديدة شرق أو جنوب عمان، ومشروع تطوير وادي عربة، ومدينة العقبة الجديدة، ومدينة وعد الشرق لتعدين وتصنيع فوسفات وغاز الريشة... يجب أن تبدأ لتنعش دورة السيولة وتحقق فرص عمل للشباب، وتنعش القطاع الخاص.
الفرجات يكتب: الفرصة الأردنية وديموقراطية صناعة الموازنات ومستقبل التنمية
مدار الساعة ـ