صحيح أن الحكومة بوقفها للتعيينات أغلقت الباب أمام أهم مورد يغذي تضخمها لكن الصحيح أيضا أنها القت بهذا العبء على الشركات وهي ليست أقل إيلاما منها.
تنبهت الحكومة إلى أن رواتب الموظفين والمتقاعدين تستهلك 60% من الموازنة العامة، الأمر الذي يحرمها من المرونة في توجيه النفقات، ولا يسمح بالمساس في النفقات الجارية باعتبارها لا تقبل المراجعة فاكتشفت حلاً لهذه المشكلة فقررت أن تلقي بهذا العبء على الشركات التي تساهم هي فيها ويساهم فيها الضمان الاجتماعي بمعنى أن تضخم الجهاز الإداري انتقل من الحكومة إلى القطاع الخاص وإلى القطاع المختلط (عام وخاص).نلاحظ ذلك في الشركات الكبرى وهذه الألغام تنفجر بين فترة واخرى على شكل اعتصامات واحتجاجات كلما أرادت هذه الشركات تنفيذ هيكلة أو تقليص خدمات مثل التأمين الصحي للعامين أو المتقاعدين وغير ذلك من المطالب التي تضغط على نفقات هذه الشركات.المعادلة تقول إنه كلما زادت أرباح الشركات كلما توسعت أعمالها وكلما احتاجت إلى عمالة أكبر بمعنى أن التوظيف لا يمكن أن يفرض عليها وهي خاسرة أو تعاني ولا يمكن لها أن تفعل ذلك إن واجهت ضغوطا ضريبية متزايدة وتضييقا غير مبرر على أعمالها.وزارة العمل في عهد أحد وزرائها السابقين تفتقت عقيرتها عن فكرة خلاقة لمعالجة البطالة فقررت نيابة عن الحكومة والمجتمع إعفاء الشركات من مسؤوليتها المجتمعية ودفعت لها بقوائم توظيف عشوائية عوضا عنها، أما بالنسبة للشركات التي تساهم فيها الحكومة أو من خلال الضمان الاجتماعي الذي يرأس وزير العمل مجلس ادارته فقد اعتبرت مؤسسات حكومية عليها ان تصدع لضغوط التوظيف!الحكومة تنفذ خطة لإصلاح القطاع العام تقوم على دمج بعض الوزارات كعناوين رئيسة لكنها لن تمس تكلفة الرواتب التي كان صندوق النقد الدولي قد طالبها بتخفيضها كجزء من برامج للإصلاح الاقتصادي.يجب أن نقر هنا بأن توفير الوظائف في القطاع الخاص في الأردن ضعيف، لكن السبب هو ضعف تهيئة البيئة المواتية لنمو القطاع الخاص وللمنافسة العادلة بما يتيح للشركات الجديدة والناشئة توفير فرص العمل بوتيرة أكثر سرعة.عدد العاملين في الجهاز الحكومي بأكثر من ٢١٨ ألف شخص في مختلف الوزارات، ويشكلون ما نسبته 36% من إجمالي القوى العاملة في الأردن، إلى جانب آلاف العاملين في الوحدات الحكومية المستقلة وتكلفة رواتبهم حوالي 5.8 مليار دولار سنويا، وبما نسبته 43.8% من إجمالي حجم الموازنة العامة.الحل في قطاع خاص قوي يعمل بحرية تمكنه من التوسع لامتصاص البطالة وليس بخلق وظائف وهمية أو ما يسمى بالبطالة المقنعة!