اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

رؤية للعالم خلال الثورة الصناعية الخامسة عام 2050


م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا

رؤية للعالم خلال الثورة الصناعية الخامسة عام 2050

م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/11/12 الساعة 12:53
أقل من ثلاثة عقود تفصلنا عن ثورة الجيل الخامس والمتوقع دخولها عام 2050، ستكون بمثابة تحد عالمي كبير لاستيعاب هذا التقدم الهائل بالتكنولوجيا والإنعكاس على الحياة الإجتماعية ومدى التوافق مع العادات والقيم، لأننا سنرى ما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي قد تحقق معظمه, فلا تستطيع أن تميّز عند سيرك بالشارع بين الأفراد إذا كانوا آليين أم بشرا عاديين, وتستطيع برمجة أفكارك وثقافتك والمزاج الخاص بك بثوان, وتستطيع التعرف على الأشخاص وحاجاتهم واهتماماتهم قبل التحدث معهم, ولن نجد هناك فسادا في القطاع الخاص والحكومي ولن يكون هناك دور للواسطة والمحسوبية, سنتحدث في هذا المقال بعمق مع جانب من التوقعات المبنية على التحليلات العلمية مع ذكر التحديات الجديدة التي ستُفرض على العالم تحديات ترافق هذا الزمن, والذي سيشهده أبناؤنا على الغالب.
لقد شهد العالم الثورة الصناعية الأولى عام 1784 عندما اكتشف الإنسان قوة البخار باستخدام الفحم وعمل أول مغزل آلي, ثم الثورة الصناعية الثانية عام 1860 عندما أتت بصناعات جديدة للحديد والصلب ولا سيما طريقة Bessemer في تقنية إنتاج الأفران عالية الجودة وظهور تكرير النفط ثم ظهور الموتورات التي تعمل بمبدأ الاحتراق الداخلي لدخول صناعة السيارات, ثم الثورة الصناعية الثالثة خلال الثمانينات من القرن العشرين من دخول الأجهزة الإلكترونية والميكانيكية التناظرية Analog إلى التكنولوجيا الرقمية Digital، وبعدها ثورة الجيل الرابع والذي اُطلقت في منتدى الإقتصاد العالمي Davos عام 2016 للدخول بالعالم الرقمي وتطبيقاته القادمة من الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية Cloud computing والروبوتات Robots وإنترنت الأشياء IoT وأخيراً ثورة الجيل الخامس الذي سيدخلة العالم اعتباراً من بداية 2035 وهي عبارة عن تنمية مستدامة تقوم على التعايش الكامل بين الإنسان والروبوتات(الإنسان الآلي)Robots وستكون الآلة هي محور حياة الإنسان وستتقلص تعاملات الإنسان مع أخيه الإنسان بنسبة 50% في شتى المجالات وستتعمق تطبيقاتها عام 2050، ولنبدأ توضيح ذلك في مجالات شتى وهي مبنية على مؤتمرات عالمية شاركت فيها وآراء وتوقعات علماء في هذا المجال بالإضافة إلى تحليلي وتوقعي الخاص نتيجة لخبرتي الطويلة:
- طريقة تعامل الإنسان مع نفسه ومع الآخرين ومع الآلة:
سيتم زراعة رقاقة إلكترونية(شريحة) صغيرة الحجم معقدة جداً ذات خصائص فريدة تحت جلد الإنسان تستطيع مخاطبة الدماغ وتحويل أفكاره إلى أوامر وإجراءات وخلق تغيير في القدرات الشخصية واكتساب المهارات المختلفة وبالعكس إيصال المعلومات المركزة للدماغ والقدرة على التعامل مع مراكز التحكم داخله, من خلال علم البرمجة اللغوية العصبية (NLP) Neuro Linguistic Programming، لتقوم بالواجبات التالية:
1) من خلال جهاز الكمبيوتر تستطيع التحكم بالرقاقة عن بُعد Wirelessبعد الدخول المزدوج ببصمة اليد وبصمة العين لتحميل ملف يحتوي على تعلم لغة معينة, خلال ثوان تستطيع أن تكتب وتقرأ هذه اللغة, أو تحميل ملف علم الصيدلة لتستطيع أيضاً بثوان تمييز جميع الأدوية وربطها بالأمراض.
2) تستطيع تحميل ملف يحتوي على أوامر تغير حالتك النفسية وتعالج مشاكل الاكتئاب وضعف الحركة والسمع والبصر.
3) ستحتوي هذه الرقاقة على صفحتك الخاصة بك لعرض ما تريد أن يعرفه الآخرون عنك عندما تسير في الشارع أو تحضر إجتماعا أو تذهب إلى حفلة أو تقوم بزيارة إلى مكان ما, وذلك بارتداء نظارة خاصة ترتبط بشريحتك وبالإنترنت, ترى من خلالها ما تراه النظارة العادية بالإضافة إلى تعزيزها بالصفحة الخاصة بك, فيراك الآخرين كما تراهم من خلال الواقع المعزز AR مع الصفحة الخاصة بك من خلال عالم الـ Meta verse, فمن الممكن أن تحتوي على اسمك, وتخصصك ورغبتك في الحصول على وظيفة, وحالتك الإجتماعية وإذا أردت التحدث مع أي شخص كان عندك اهتمام معه ستظهر عن طريق تفكيرك ضوء أخضر على صفحته فإذا أراد محادثتك سيرد عليك بنفس الطريق للتقدم إليه بالسؤال والمحادثة.
4) ستحتوي الشريحة أو النظارة على جميع أنواع التحكم بالأجهزة الكهربائية التي تستخدمها بمنزلك إضافة إلى سيارتك.
5) عندما تسافر إلى أي بلد ستقوم بتحميل ملف يحتوي معلومات البلد من خارطة البلد المعززة بكل مكان ومعلوماته, فعند ارتدائك للنظارة الذكية التي تستخدم الواقع المعززAR, تستطيع أن تعرف كل شيء حولك, فعلى سبيل المثال إذا مررت من عيادة طبيب تستطيع من خلال الواقع المعزز أن يشير إلى عيادته ومعلومات العيادة من تخصص وأوقات الدوام والتسعيرة وإمكانية الإتصال الفوري بالعيادة أو حجز موعد.
- المجال الطبي:
1) استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لتجهيز معظم الأعضاء البشرية لإستبدال التالف منها سواء الخارجية أو الداخلية.
2) رؤية الأعضاء الداخلية بدقة عالية جداً خلال التشخيص الطبي لمعالجة الأمراض من خلال كاميرات بحجم حبة الدواء يتم بلعها بالفم. 3) سيقوم الإنسان الآلي أو الروبوت بإجراء بعض أنواع العمليات الجراحية بالكامل, وسيقوم بمعالجة المرضى وإعطاء الدواء المناسب لهم. 4) باستخدام الواقع الإفتراضي يستطيع طلبة الكليات الطبية التعلم بطريقة سهلة وبتقنية ثلاثية الأبعاد المجسمة.
5) معالجة السمع والنظر وضعف الحركة والأمراض النفسية من خلال استخدام علم البرمجة اللغوية العصبية (NLP).
6) التوصل لعلاج السرطان وكشف حقيقته والسيطرة عليه. 7) لن يكون هناك أخطاء بشرية في معالجة المريض أو حين إجراء العمليات الجراحية له. 8) الزيادة في معدل الأعمار 10 أعوام.
- المجال العسكري والأمن:
1) بناء قواعد عسكرية خارج الكرة الأرضية على سطح المريخ للسيطرة التامة على الكرة الأرضية والكواكب المجاورة.
2) ستكون هناك جيوش إلكترونية وسيكون هناك إنسان آلي يعمل كقائد للجيوش في ظل الظروف المختلفة ويكون قادرا على اتخاذ القرار المناسب. 3) لن يكون هناك أخطاء بشرية ليتم استغلالها من قبل الإرهابيين فالحدود محمية إلكترونياً على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الإسبوع. 4) ارتفاع نسبة الأمن والأمان, مع انخفاض بعدد الجرائم, وستقل نسبة الخطف لأن التقنيات الجديدة تستطيع تحديد مكانك والوصول إليك بثوان, وستكون كل بقعة على سطح الأرض مراقبة وسهل الوصول إليها.
- التنقل:
1) ستكون معظم وسائل التنقل ذاتية الحركة بدون سواقين, وسيكون هناك سيارات طائرة لها مسارات منظمة ضمن شوارع إفتراضية يتم تحديدها من قبل غرفة تحكم آلية تعمل بدقة عالية. 2) ستكون هناك رحلات آمنة إلى الفضاء الخارجي للمريخ وغيره. 3) لن تكون هناك اختناقات مرورية على الطرق لأن معظم طلبات الإنسان ستُلبى باستخدام الطائرات المسيرة والتوصيل الآلي من خلال سيارات آلية الحركة وجميع الطرق على الأرض مرتبطة بحساسات ووحدات تحكم مرتبطة بجميع السيارات والباصات والقطارات لتعمل معاً لما يوفر سهولة بالحركة وانتظام ودقة وإستغلال أفضل للطرق. 4) لن تجد أي شخص لا يلتزم بقواعد المرور من تغيير خاطئ للمسارب أو تجاوز السرعات لأن كل شارع لديه حساسات ووحدات مراقبة وتحكم تضبط أي مركبة مخالفة على الطريق نتيجة أي سلوك خاطئ.
- النشاط التجاري:
1) تستطيع من منزلك شراء ملابسك وقياسها وباللون الذي ترغبه ويتم توصيلها إلى منزلك مباشرة.
2) لن تذهب إلى البنوك إلا للضرورة القصوى, فجميع إجراءاتك المالية تتم من خلال جهازك الخلوي في أي مكان تتواجد فيه. 3) الإجتماعات جميعها داخل البلد أو خارجه تتم إفتراضية وبتوفر جميع الوسائل المساعدة وتنتهي بتوقيع عقود أو محاضر اجتماعات إلكترونية وتستطيع الذهاب إلى أي مكان في العالم من خلال العالم الإفتراضي Meta Verse بشخصيتك Avatar وممارسة نشاطك التجاري والسياحي والعمل الرسمي. 4) ستجد مدير شركة روبوت يتمتع بجميع الصلاحيات, ويكون أيضاً أحد مدرائة روبوت. 5) ستجد في بعض الدوائر الحكومية كالمحاكم على سبيل المثال قاضي المحكمة روبوت ملماً بجميع القوانين والأحكام ويصدر الأحكام المختلفة. 6) معظم المصانع ستعمل بشكل آلي. 7) الدعاية والإعلان والتسويق سيتم بدون وجود العنصر البشري.
- المنازل والمدن الذكية: 1) سيقوم الروبوت بجميع النشاطات المنزلية من إعداد وجبات الطعام الخاصة, والعناية بالأطفال وكبار السن, وتقديم وسائل التسلية, ومحادثتك لحل مشاكلك. 2) تتحكم بمنزلك من خلال الواقع الإفتراضي بنظارة ترتديها أو الشريحة (الرقاقة) داخل جسمك. 3) تواجد مجسات رقاقات تحكم في كل غرفة تتحكم تلقائي بإضاءة الغرفة وتبريدها وتدفئتها ونقاء الهواء داخلها والأجهزة الكهربائية من تشغيل وأداء واجبات وسلامة عامة. 4) المباني والعمارات سيتم بناؤها بطريقة يمكن تحريكها ونقلها بتقنيات ميكانيكية, وسيتم تزويد كل عمارة بالطاقة بطريقة ذاتية من خلال وجود خلايا كهروضوئية بالجدران والأسطح.
إن التقدم الكبير الذي سيحصل من خلال الثورة الصناعية الخامسة سيخلق تحديات ستواجهنا، سنبرزها من خلال النقاط التالية:
1) التحديات الأخلاقية والإجتماعية والثقافية لن تناسب ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا, والحاجة إلى تشريعات جديدة تغطي كل النواحي المختلفة وخصوصاً بما يتعلق بطريقة التعايش بين الإنسان مع الروبوتات التي تشبه الإنسان وتتمتع بنسبة ذكاء عالية. 2) الزيادة في عدد الهجمات السيبرانية. 3) التخلي عن الخصوصية. 4) زيادة أعداد كبار السن حيث يقدر عددهم عام 2050 بمليار مُسن. 5) الزيادة في عدد سكان الكرة الأرضية ليصبح 9.5 مليار نسمة بحلول عام 2050، سيتجمع 6 مليار نسمة في المدن.
6) اندثار لمعظم المهن الحالية وظهور بديل لها مثل الذكاء الإصطناعي AI, علم البرمجيات اللغوية العصبية NLP, هندسة البيانات Data engineering، علوم البيانات Data science, علم الروبوتات Robotics وغيرها.
7) التحديات المناخية من ارتفاع في درجات الحرارة والمتوقع زيادتها درجتين مئويتين وما ينتج عنها من تصحر وشح في مصادر المياه وتقلبات حادة في الطقس من رياح وأعاصير وزيادة الفضلات ونقصان الغطاء الأخضر.
8) انتشار للأوبئة نظراً للإرتفاع في درجات الحرارة والزيادة السكانية. 9) سيحل الروبوت محل 40% من القوى العاملة. 10) غرق بعض المدن الساحلية نتيجة لإرتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات.
وأخيراً يجب التحضير من الآن لهذه المرحلة لأن العالم لن ينتظر أي دولة لتدخل الثورة الصناعية الخامسة, والتركيز على التحديات وإيجاد الحلول المبكرة لها, وتهيئة البنية التحتية لتستوعب هذا التقدم الهائل التكنولوجي, وجلب الكفاءات ذات الخبرات المختلفة والذين يتمتعون بالقدرة على التفكير والتحليل واستيعاب ما سيحصل في المستقبل لأن المعايير السابقة كلها ستتغير.
mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/11/12 الساعة 12:53