تطل علينا وسائل التواصل الاجتماعية صباحا ومساء بمنشورات تحمل في طياتها هجوما او دفاعا عن العشائرية والعشائر.. وللاسف نتلقف تلك المنشورات بكل شغف وننشرها في كل اتجاه.. ضاربين عرض الحائط بمدى تأثير محتواها السلبي او المقيت على المجتمع ككل.. ودونما ادنى تريث او تعقل او تدقيق..
وفي هذه العجالة اسمحولي ان اضع شيئا من التوطئة للموضوع.. وذلك بتعريف بسيط للعشائرية والعشائر.. تاركا للمختصين التعمق في الشرح والسرد..في البداية حتى لا يختلط الفكر.. وحتى لا يذهب كل واحد منا بتأويل الحديث.. دعوني اكرر ما اعتدت قوله.. بأن كل واحد من بلاد الشام او العراق او الخليج العربي على وجه الخصوص هو ابن لعشيرة وعائلة ومعروف نسبه.. ولم يكن يوما كمثل نبات الفطر (الفقع) قد خرج للحياة في ليلة رعدية ماطرة.. ولأسباب قسرية اجتماعية او سياسية او اقتصادية.. تفككت بعض العشائر واصبحت عائلات او حتى مجموعات من الاشخاص.. وهذا لا يعيب احدا.. ولا ينتقص من مكانته.. او يغير في مجموعة حقوقه وواجباته..فالعشيرة في تعريف الويكيبيديا مثلا.. "هي مجموعة من الناس.. تجمعهم قرابة.. ونسبفعلي أو متصور.. وحتى لو كانت تفاصيل النسب غير معروفة.. قد يتم تجمع أعضاء العشيرة حول العضو المؤسس أوالسلف الأول "..فالعشيرة والعائلة.. اساس ومرتكز هام في الدولة.. وهي حافظة لسلامة وامن المجتمع.. وهي حصن الوطن ودرعه.. والعشائرية مصطلحا ومفهوما هي نسب وارجاع كل الاعراف والتقاليد والقوانين الناظمة لعشيرة او مجموعة من العشائر.. وكذلك اي تصرف او مسلك او تحرك لتلك العشيرة او التجمع..وعلى مر التاريخ.. وبعد ان جاء الاسلام وشذب وهذب العادات والتقاليد.. وجعلها اساسا في تنظيم الحياة والعلاقات البينية.. لم نجد من العشائرية سوى النخوة والفزعة وحماية الدخيل واغاثة الملهوف والدفاع عن المال والعرض والارض.. بكل ما فيها من الوفاء المحمود.. والخير الممدود..فالتكافل الاجتماعي هو ركن اساسي في العشائرية الاقتصادية.. والذب عن العرض والارض هو ايضا من مقومات مفهوم العشائرية الاجتماعية والامنية.. وعلى النقيض تماما.. هناك ما ينسب للعشائرية.. من بلطجة.. واعتداءات.. وخروج عن المألوف والقانون.. وتعدٍ على حقوق الاخرين.. وللناظر المتبصر فيها.. يجد ان ما هي الا تصرفات فردية.. قد يجتمع عليها مجموعة من الاقارب من نفس العائلة او العشيرة.. فيتم الصاقها بالعشيرة ككل.. والعشيرة منه براء.. وللاسف تجد على مستوى الافراد.. من يكتب بيانا او منشورا يقوم بنشره تحت اسم يتم ربطه بالعائلة او العشيرة.. قد يسيء فيه الى اناس او معتقد او نظام.. وقد بكون مليء بالمغالطات والافتراءات.. وسرعان ما يتصدر كافة المواقع جراء النسخ والتقل غير المتثبت.. فيثير الفتن.. ويزرع الضغائن.. ويعمق الجراح.. ويفسخ الروابط.. ويشرذم المجتمع..فهذه هي والله العشائرية بمفهومها واصطلاحها المذمومة والمقيته التي يجب محاربتها والانتباه منها.. ومحاسبة دعاتها ونبذهم.. في الختام.. هذه دعوة الى كل ذي عقل مستنير.. وبصيرة حادة.. ان لا ننساق وراء ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعية.. الا بعد التأكد والتثبت من صحته.. فلكل عشيرة او عائلة مجلس او كبراء ووجهاء يديرون شؤونها.. فأي شيء يصدر عن غير هذه المجالس او الوجهاء.. فهو مردود ولا يمثل الغالبية.. ولا يجب ربطه والصاقه بمفهوم العشائرية المحمودة المتوارثة النقية..