لنتحدث اليوم سياسياً، لا نؤيد فريقاً أو ننكرعلى فريق، بل مجرد نظرة عامة على المشهد العالمي الغربي تحديدا، ابتداءً من «الغرب الإسرائيلي» حتى بقية من أوروبا المسيحية اليمينية الى الولايات المتحدة التي تقترب على ما يبدو نهاية عصر بايدن وعودة الرجل الذي يتحدث بلغة الدين وآثار التاريخ والأعطيات الالهية، وهو دونالد ترمب، أو من يماثله، فالمتتبع للتحولات السياسية في ذلك الجزء من بلدان العالم يجد أن كل دعوات الإيمان والصلوات ومأثورات التاريخ القديم الذي يتنبأ بما سيؤول إليه العالم، تنطلق من أفواه الرؤساء والزعماء ا?سياسيين هناك، بل إن «هرمجدون» لا تزال هاجساً ينتظره الغرب، تماما كما ينتظر شيعة إيران خروج المهدي من المغارة.
لأول مرة في حياتي أنحاز بها الى العلمانية مؤقتاً، كانت بعد سقوط العراق في أيدي المحتلين، بعد حكم بريمر بالاتفاق مع أحزاب إيران في العراق، إذ بدأت الصراعات تتخذ منحىً غير محمود، وبدأت الخلافات تتعالى بين المكون الشعبي العراقي، وحينها تدخلنا أردنياً على أعلى المستويات القيادية لتحقيق التوافق بين المكونات التي بدأت بالظهور، وتحت الشمس ظهرت الحراب مسنونة، وكان لا بد من جمع الفرقاء سنة وشيعة كي ينهضوا بمشروع، وجاء العديد من الزعامات الدينية من الجانبين، ومن السياسيين والقيادات المحترمة في عهد صدام حسين، ولكن لم?نفز بتحقيق تقارب وجهات النظر، فالإيرانيون وعملاؤهم كانوا أقوى جذباً.كانت المحاولات لإبعاد العراقيين بكافة تصنيفاتهم عن السقوط في هاوية الحرب الأهلية هدفاً رئيساً لعقل الدولة الأردنية، ومن هناك دفعنا بشدة لجمعهم على نظام سياسي وحكومة لا تحمل عقلية دينية، ومن هناك جاء الرأي بأن تُشكل حكومة مدنية تضم كافة الأطياف دون تصنيفات طائفية، بل حكومة أقرب الى العلمانية الفكرية تذوب فيها مسألة الدين والطائفة، وخرجت حكومة اياد علاوي التي لم تكد تنهض حتى سقطت على وقع الفساد والتنازع، وحتى اليوم ما زال العراقيون يعانون رغم مجيء شخصيات عالية الكفاءة.في المقابل نرى اليوم كيف اعتلت الأحزاب الدينية المتطرفة سدة الحكم في إسرائيل، وساندت زعيم الليكود بنيامين نتنياهو الذي يغير جلده كما تغير الأفعى ثوبها، فهو أمهر لاعب سياسي في إسرائيل بعد رحيل الزعماء المؤسسين لتلك الدولة الخادعة، رغم أن المحاكمات بحقه لا تزال يتم التحقيق بها في قضايا فساد، وترك الأحزاب التآلفية القديمة لحساب التطرف الديني والعودة الى مقعد القيادة ليكمل مشروع إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين المزروعة بالمستعمرات، دون أي أفق لمستقبل الدولة الفلسطينية.في أوروبا أيضا لا تزال الأحزاب اليمينية المتطرفة تأخذ حيزا من الحكم، وقد أشعلت الحرب الروسية الأوكرانية نار القومية الدينية وباتت تؤسس لقوانين مانعة لحريات المواطنين من المسلمين وحتى اليهود فيما يلبسون من أغطية الرأس وما يأكلون من ذبح حلال، والعالم كله يرى ازدواجية المعايير في تلك الحكومات المتشابهة عندما يتعلق الأمر بالجالية الإسلامية، رغم أن بلاداً أخرى ككندا تعطي حقوق المواطنين سواسية.Royal430@hotmail.com