انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

تغيير الشعب ما نحتاجه


د.محمد نعمان 

تغيير الشعب ما نحتاجه

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/08 الساعة 10:02
أيهما أسبق للتغيير الشعوب أم الحكومات ؟؟سؤال كبير تم طرحه خلال الحديث عن انتقاد وتغيير الحكومات لدينا.
وبالإجابة عن هذا السؤال نجد أنفسنا أمام نقطة تحول وخروج عن دائرة المألوف في التفكير والمخاطبة وربما في طريقة التعاطي مع السياسة والسياسيين والأحزاب ورياديي المجتمع المدني…
وبالحديث عن تغيير الشعب ،بالتأكيد المقصود ليس أن نأت بغيره من المريخ أو من أي مكان آخر، إنما نقصد تغييراً في وعيه وثقافته تجاه حقوقه وحكومته وممثليه ودولته.
ولقد ثبت بالتجربة العملية، أنه لا طائل ولا فائدة من تغيير الحكومة طالما أن الشعب لم تتغير ثقافته وتكوينه "وما ألفى عليه آباؤه وأجداده من قبل"، وأجزم بأنني شاهدعلى حقبة عمل حكومي بنفس الوتيرة والطريقة منذ عشرات السنين، حيث يتم تغيير الحكومة والإتيان بأخرى ضمن نفس منظومة العمل التي تأقلم عليها الشعب ولن تقدم سوى فتح مزيد من أبواب استغلال السلطة بوجوه جديدة وتنوع أشكال النصب والرشوة،وتفاقم مظاهرالمحسوبية، والمحاباة، والواسطة..
لذا يجب أن ندرك بأن عملية التغيير في الأساس مرتبطة بشكل كامل بوعي الشعوب والذي تقوده مجموعة من أصحاب الفكر وهذه تشمل النخب السياسية والحزبية والمجتمعية ، "فالله لا يغير ما بقومِ حتى يغيروا ما بأنفسهم" فإذا قاد عملية التغيير هذه نخب ضالة مضلة غير واعية فإنه حتماً ستنزلق الدولة والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني إلى الانحدار والانكسار ولن ترفع لها قامة ولا راية.
لذا يجب البدء أولاً بتغيير وعي الشعوب تغييراً يعلي من شأن المواطنة والقانون ويصنع من الفرد والجماعة مكوِّن اجتماعي صالح ذاتياً، وهو ليس بالسهولة المطلقة كما نراها، إنما يحتاج الأمر لسنوات عدة عبر أجيال قادمة، تنمو وتترعرع ضمن بيئة تعرف حقوقها ومسؤولياتها تجاه الدولة، وواعية بحجم المخاطر المتوقعة وتكون قادرة على بناء دولة وحكومة تحترم أبناءها وتسمع لهمومهم وشكواهم ومتطلبات حياتهم، حكومة تنبع من حضن أبنائها الواعين فكرياً وعملياً وسياسياً.
أن انتشار الفساد في مجتمع من المجتمعات لعشرات السنين يؤثر سلباً، ليس فقط على اقتصاديات المجتمع، وإنما أيضاً على اخلاقيات الشعوب، وعلى طموحات الشباب، فالفساد يؤدي إلى الاستبداد، والفاسدون يسعون دائما لتأمين أنفسهم ومصالحهم على حساب الآخرين، وبالتالي تختل العدالة الاجتماعية، وتزداد العزلة والتهميش في المجتمع، ويضعف الولاء والانتماء، وتتدهور الأوضاع،ويستمر حتما صراع الحكومات والشعوب في ظل غياب النزاهة والعدالة الاجتماعية.
بإعتقادي بأننا سوف نعبر هذه المحنة عندما تصبح مدرجات الجامعة أهم من مدرجات ملعب كرة القدم ، ومعامل البحث العلمي أهم من مكاتب البحث الجنائي، وعندما نعرف أن أسوأ ما فى «الأمة» هو «الجهل والأمية».” ولكن ما تضعه الحكومات المتخلفة في أجندتها عكس ذلك.. فهي تضع في أجندتها كخطة أولى بعنوان “التصدي للوعي” والتضييق على المثقفين والشرفاء، حتى تستطيع مواصلة السرقات والفساد، وهكذا يغرق الشعب في الجهل أكثر وتنتشر الافكار الهدامة والسطحية. وتكمن المأساة بأن وباء الجهل لم يصل فقط لقطيع الشعوب بل أصاب أيضا المثقفين والنخب السياسية والحزبية.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/08 الساعة 10:02