اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

هل دخلَ 'الاتحاد الأُوروبي'.. 'طورَ التصدّع'؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

هل دخلَ 'الاتحاد الأُوروبي'.. 'طورَ التصدّع'؟

محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/11/08 الساعة 01:17
ما تزال أصداء الزيارة التي قام بها المستشار الالماني شولتس للصين، تتردّد في جنبات المشهد الاوروبي, وبخاصة لدى الاوساط الفرنسية الرسمية والحزبية وخصوصا الاعلامية. على نحو اعتبرت فيه صحيفة «ليزيكو» الفرنسية ان «الحرب بين فرنسا والمانيا قد تكون مُمكنة مرة اخرى».
صحيح ان الصحيفة هذه ليست واسعة الانتشار، او مؤثرة فرنسياً، إلاّ أن مُجرد الذهاب بعيدا الى احتمال خطير كهذا، يعكس من بين امور اخرى المدى الذي قد يصل اليه الخلاف الفرنسي/الالماني الآخذ هو الآخر في التصاعد والحِدة، ليس فقط بسبب ملابسات وتداعيات زيارة شولتس للصين، وما حملته من رسائل «ألمانية» للشركاء الاوروبيين وفي مقدمتهم الشريك الفرنسي. خاصة بعد فشل «قمة باريس» بين ماكرون وشولتس أواخر الشهر الماضي (26/10). بل أيضا بما انطوت عليه تعليقات الصحف الفرنسية التي اخذت على شولتس سياسته «المُتأمرِكة", بمعنى تقرّبه ال?تزايد نحو واشنطن، مُقدما اياه على علاقاته الاوروبية وخصوصا مع فرنسا. كونهما قاطرتي الاتحاد الاوروبي.
ليس تفصيلا والحال هذه.. ان إدارة بايدن نفسها أبدتْ حَذراً (إقرأ قلقاً) إزاء زيارة شولتس، وهو ما إستبطنه تعليق مُنسّق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الابيض/جون كيربي، بقوله: ان الولايات المتحدة «تحترِم» حق المانيا في ادارة علاقاتها مع «الصين» بطريقتها الخاصة، مُضيفا: نحن نحترم ونُقدّر «عادة»، رغبة المانيا في ادارة علاقاتها الثنائية مع الصين، بـ«الطريقة التي تبدو اكثر مُلاءمة وأنسب».
ورغم الجُهد الذي بذلَه كيربي، لإخراج تصريح كهذا, ليس من عادة واشنطن ان «تُهندِسه» على نحو كهذا، جرياً على عادتها في اعتبار واشنطن «وحدها» صاحبة الحق في تقرير وتوجيه معظم القرارات/السياسات الاوروبية, وبخاصة في الشؤون الدولية وتحديدا في اتجاه روسيا والصين, وباقي الدول «الاستبدادية وغير الديمقراطية والمارِقة» وفق تصنيفاتها الإمبريالية الطبع، مثل كوبا وفنزويلا وسوريا وايران. فان الكلمات المُقتضبة التي تضمنها تصريح كيربي، عكست عتباً اقرب الى الاعتراض، لكن الظروف الاقتصادية التي تمر بها اوروبا وتداعيات الازمة ال?وكرانية المتمادية فصولا صعبة على الاقتصادات/ والمجتمعات الاوروبية (والاميركية بالطبع), فضلا عن الاحتمالات المفتوحة لخسارة ادارة بايدن معركة انتخابات الكونغرس النصفية لصالح الحزب الجمهوري، فرضت على واشنطن مُقاربة أقل حدة تجاه حلفائها, الذين انتقدوا - وأولهم ماكرون/وشولتس - رفع واشنطن أسعار الطاقة المُصدَّرة لأوروبا نفطا وغازا، اذ بلغت ارباح شركات الطاقة الاميركية خلال الأشهر الستة الماضية ازيد من «مئتي مليار» دولار.
صحيح ان المستشار الالماني تعرّض لانتقادات لاذعة قبل زيارته للصين (بموافقته على بيع حصة لشركة صينية في ميناء هامبورغ رغم مُعارضة معظم شركائه في الحكومة)... وبعدها. الاّ ان الرجل الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة ميركل, واجَه تلك الانتقادات بالقول: ان مُجرّد اتفاقه مع الرئيس الصيني/شي, على معارضة استخدام الاسلحة النووية في الحرب الاوكرانية, من اجل ذلك كله - أضاف - كانت هذه الرِحلة تستحِق العناء».
غير ان ذلك يبدو غير مقنع لخصومه سواء داخل الائتلاف الالماني الحاكم, أم خصوصا لدى فرنسا ماكرون. اذ اخذ عليه اعضاء في ائتلافه الحكومي قبل الزيارة كما بعدها اعتماده «الشديد» على بيجين, التي يزداد «استبدادها» كما زعموا. لكن ذلك لم يدفع شولتس الى الغاء او تأجيل زيارته, ولا حتى البحث في قضايا وموضوعات «صعبة». قال المستشار الالماني انه سيطرحها مع القادة الصينيين, لكن بيجين رفضتْ مُسبقا (وأعلنت ذلك قبل وصوله) أي حديث في ملفات داخلية بحتة, ولن تسمح لأحد التدخل أو الحديث عنها. مع الاشارة الى مسألة مهمة وهي ان شولتس ?علن التزام بلاده بمبدأ «صين واحدة».
مستقبل العلاقات الفرنسية/الالمانية مرهون بالتطورات اللاحقة, وان كانت تداعيات زيارة شولتس للصين ما تزال تفرض نفسها على الاجواء المحتقنة بين البلدين, ليس فقط في عدم التوقّف عن تكراره, بان شولتس رفضَ اقتراحا فرنسيا بأن يرافقه ماكرون في زيارته للصين، حتى تبدو الزيارة أوروبية الطابع (بفضل القيادة الفرنسية/الالمانية المعروفة للإتحاد الاوروبي), وانما ايضا في تركيز باريس رئاسة وحكومة وإعلاماً واسع التأثير والانتشار فرنسياً وأوروبياً, وهو مُضيّ شولتس قُدماً في تقاربه مع واشنطن وخصوصا عسكرياً, عبر صفقة لشراء طائرات ?لشبح الحديثة (F35)، كذلك تطوير درع صاروخية مُشتركة, ثُلاثية العضوية اميركية/المانية/إسرائيلية). وهو ما تبدّى في قرب سماح واشنطن لتل أبيب ببيع منظومة دفاع جوي لألمانيا. وبذلك - تقول باريس - ان برلين أدارت ظهرها نهائيا لمنظومة الدرع الصاروخية المشتركة بين فرنسا/وايطاليا. اضافة بالطبع الى خلافات حول موازنة المانيا العسكرية الضخمة (120مليار يورو), التي قرّرتها منفردة بمعزل عن شركائها الاوربيين. والاكثر خطورة في نظر باريس قرار برلين إنفاق 200 مليار يورو لدعم اسعار الغاز في بلادها، في وقت تُعارِض فيه/برلين وضع «?قف» لأسعار الطاقة على المستوى الاتحادي.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/11/08 الساعة 01:17