أنتمي مثل أغلبية الأردنيين إلى حزب «الفوجيكا»، هذا الحزب صاحب الأغلبية الساحقة الأكثر تواجدا ووجعا وفقرا بفعل السياسات الاقتصادية والاضطرابات العالمية، وليس للون «الفوجيكا» أي دلالة رمزية سياسية.
هو حزب تعرف منتسبيه وأهدافه ومواجعه، عندما تذهب إلى محطات الوقود وتصطف بينهم على الدور، عندما يقومون بتعبئة «الجالون» ما بين دينار ونصف الدينار ولغاية خمسة دنانير، لتدفئة عائلاتهم التي تنتظر عودتهم من العمل، والبرد.في محطات الوقود وأمام تلك المضخة والفرد الذي يمسك به صاحب النفط ، ترى المنتسبين لحزب «الفوجيكا» وقد أخذ عليهم مر الدهر وشجونه، والإطار الحزبي على وجهه عبارة عن «شماغ أو لفحة» تقيهم برد الفقر والحاجة، تلاحظ أدواتهم الحزبية بأيديهم، ما بين ربطة الخبز أو «كيس» من الخضار قام بإحضاره من المحال القريبة، حتى تلك المحال صنفت حزب «الفوجيكا» ومنتسبيه على مقياس «هاي الخضار من برا ولا من جوا «، فحزبنا لا يقوى على الدخول في «صيدلية» النخبة الأولى بسبب وجع الطفرة المزمن.كثيرة هي العائلات التي تقف وتناظر حزب «الفوجيكا» المصطف على الدور أمام «فرد الكاز «، وتنظر لهم بعطف وأمنية، لعل أحد هؤلاء الموجوعين يمن على المسحوقين من نفس الحزب، ويترع لهم بنصف دينار من الكاز أو دينار، وكل أدواته الحزبية أيضا عبارة عن علبة ماء صغيرة أو عبوة مياه غازية من درجة لتر السياسية، وقد يضطر للانتظار ساعات حتى يمتلئ ذلك اللتر.على مر السنوات، وبعيدا عن مراكز الدراسات الاستراتيجية والإحصاء ومنظمات المجتمع المدني، يشهد هذا الحزب انضمام الآلاف له سنويا، ولا يحتاج أحدهم تقديم طلب انتساب أو شهادة عدم محكومية، فيكفيهم شهادة الطفرة والوقوف على مسرب الكاز وجالون سعة عشرة لترات وملامح البؤساء.في فصل الشتاء، لا يرهق كاهل حزب «الفوجيكا» إلا الجالون وكيفية تعبئته ومدى الوقت الذي يستغرقه في البقاء داخل البيت ليوفر التدفئة لأصحابه، والصمود في مواجهة البرد والصقيع، فأسعار الكاز تخضع للبورصات العالمية وأسعار العرض والطلب، لكنها لا تخضع لاحتياجات الفقراء ونسب الفقر والعوز وبرد الأرامل والأطفال والشياب، فنظرة الأب والأم للجالون وما تبقى به من وقود الكاز ، أكثر من مراقبتهم لامور السياسة والاقتصاد والتنظير في محاربة الفقر والبطالة والوجع، فألم انقطاع الكاز من البيت يعادل ألم الولادة من الخاصرة.ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وعلى وجه الخصوص الكاز هو أكبر مأساة تواجهها عائلات حزب «الفوجيكا» بعد الخبز، وهي توفر ما استطاعت إليه سبيلا من استخدام التدفئة، ليس حبا في التوفير ولكن من باب «ما باليد حيلة»، فعلى سبيل المثال قد تستخدم التدفئة في ساعات المساء، مع النوم باكرا لاستخدام فراش النوم كإحدى وسائل التدفئة، وقد تجدهم يستخدمون صوبة « فوجيكا « واحدة يتحلق حولها جميع أفراد الأسرة مع إغلاق كافة منافذ الغرفة من أجل التدفئة، هذه الممارسات عشناها ونعايشها جميعا كأبناء لهذا الحزب، مثلما نستغل «الفوجيكا» في أعمال الطهي وتحديدا العدس، وأيضا لتنشيف الملابس لتقوم الفوجيكا بدور «الحماصة».من هنا نتوجه نحن المنتسبون لحزب «الفوجيكا» بالطلب من الحكومة لتخفيض سعر الكاز في نهاية هذا الشهر وتثبيته حتى نهاية شهر آذار القادم، لعل وعسى أن نكافح ألم البرد والعوز والحاجة، وأن نبقى على قيد الأمل طمعا في الوصول إلى الأفضل في سنوات لاحقة، فهذا الحزب أولى أن يحصل على الأهمية القصوى في المعاملة.