لقد ذكر الله في كتابه العزيز ثلاثة أنواع من النفوس، وهي: أولا، النفس الأمارة بالسوء (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (يوسف: 53))، وثانيا، النفس اللوامه (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة: 2))، وثالثا، النفس المطمئنة (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (الفجر: 27)). ومن الطبيعي جدا أن نجد الكثير من الناس من أصحاب النفوس الأمارة بالسوء والتي عادة ما تأمر أصحابها بإثارة الفتن وعمل الخلافات بين غيرهم من الناس وخصوصا بين الذين يمتلكون قلوب من حولهم من محبة وإعجاب وإحترام وتقدير غيرة وحسدا ونقمة. ويندرج تحت أصحاب هذه النفوس الكافرين والحاقدين والخبيثين والماكرين والمخادعين والمرضى النفسيين والكاذبين والمفسدين والسفهاء والمستهزئين والطغاة والضالين وقد ذكرهم الله في الآيات من 7-16 من سورة البقرة. والدليل على أنهم كثيرين (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (للأعراف: 179)). وكثيرا منهم لا يسمعون النصائح والإرشادات لقوله تعالى ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَام بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44)).
فعلى أصحاب النفوس اللوامة التي تلوم أصحابها على اي تصرف يصدر منهم يتسبب في غضب الآخرين من حولهم عليهم، وتأمر أصاحبها بالتاسف لهم بشكل سريع وبدون تردد، وأصحاب هذه النفوس يستجيبون إلى الإصلاح إذا ما دعوا له. وأما أصحاب النفوس الطيبة فهم قلة ولا يصدر عنهم إلا ما يرضي الله والناس عنهم. لهذا فعلى أصحاب هاتين النفسيتين أن يأخذوا حذرهم من أصحاب النفوس الأمارة بالسوء ويبتعدوا عنهم قدر المستطاع. ومن المحظوظين جدا من الناس وبالخصوص الذين يجتمعون في مسجد أو كنيسة أو كنيس للصلاة أو لتعلم تعليمات الكتب السماوية أو تلاوتها، إذا ما وجدوا فيما بينهم من أصحاب النفسيتين اللوامة والطيبة للإصلاح بينهم فيما إذا وقع أي خلاف بين بعض الأفراد من بينهم بفعل الشيطان أو قرين الإنسان الجني الذي عادة ما يامر صاحبه بالشر وليس بالخير. ونحمد الله انه عادة ما يتوفر في كثير من المساجد والكنائس والكنيس من أصحاب هذه النفوس حتى لا تتفاقم الخلافات وتكبر وتصل إلى المحاكم، وبالخصوص إذا كان إمام المسجد أو القسيس المسؤول عن الكنيسة أو الحاخام المسؤول عن الكنيس منهم فإنه يؤثر على من حوله. فكل الشكر والتقدير لكل الأئمة والقساوسة والحاخامات والصالحين من حولهم الذين يقومون بإلإصلاح بين الناس (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء: 114)).
صراع شر وخير النفوس يقود إلى الأشرار والخيرين
مدار الساعة ـ