اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

إدانة الموظف العام بجريمة جزائية


أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

إدانة الموظف العام بجريمة جزائية

أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/10/25 الساعة 00:33
تتكاثف الجهود الوطنية على كافة المستويات للحد من جرائم الفساد في القطاع العام، حيث تقوم الجهات الرقابية المعنية بأدوارها المنوطة بها في ملاحقة المشتبه بارتكابهم مخالفات مالية وإدارية، وإحالتهم إلى القضاء العادل لمحاكمتهم وفق أحكام القانون. فتُصِدر المحاكم الأردنية أحكامها القضائية بالإدانة تارة أو البراءة وعدم المسؤولية تارة أخرى، وذلك تبعا لقناعتها الوجدانية وما يُقدم لها من بينات إثبات وإدانة بحق المشتكى عليهم.
ويبقى التساؤل الأبرز حول التبعات القانونية لصدور قرار نهائي قطعي بإدانة الموظف العام بجريمة جزائية، وأثر هذا الحكم على مركزه القانوني كموظف في الدولة بمؤسساتها وهيئاتها المختلفة، ومدى استحقاقه لحقوقه الوظيفية في حال الحكم عليه بالإدانة.
فمن خلال استعراض نصوص نظام الخدمة المدنية النافذ المفعول، والذي يعتبر التشريع الأم الذي يحكم الوظيفة العامة والقائمين على إدارتها، نجد بأنه ينص في المادة (44) منه على الشروط الواجب توافرها فيمن يعين بأي وظيفة حكومية بصرف النظر عن فئتها ودرجتها، والتي تشمل ألا يكون محكوما عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة والأخلاق والآداب العامة.
فهذا الشرط لتولي الوظيفة العامة يجب أن يثبت ابتداء في المرشح لغايات التعيين ومباشرة العمل. كما أنه يعتبر شرطا لاستمرارية اشغال هذه الوظيفة؛ بمعنى أنه يتعين على الموظف العام خلال الفترة التي يقضيها في العمل العام أن يبقى محافظا على حسن السيرة والسلوك، وألا يصدر بحقه أي حكم جزائي قطعي بالإدانة بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والأخلاق والأمانة.
أما الآثار الوظيفية المترتبة على فقدان الموظف العام لهذا الشرط من شروط التعيين في الوظيفة العامة، فقد حددتها المادة (172) من نظام الخدمة المدنية التي ترتب عقوبة العزل عن الوظيفة بحق كل موظف يُحكم عليه من محكمة مختصة بحكم قضائي قطعي بجناية أو جنحة مخلة بالشرف، كالرشوة والاختلاس والسرقة والتزوير وسوء استعمال الأمانة واستثمار الوظيفة والشهادة الكاذبة، أو أي جريمة أخرى مخلة بالأخلاق العامة.
كما يعتبر الموظف معزولا عن الوظيفة العامة إذا حُكم عليه بالحبس من محكمة قضائية لمدة تزيد على ستة أشهر لارتكابه أي جريمة أو جنحة من غير المنصوص عليها أعلاه، وذلك اعتبارا من تاريخ اكتساب الحكم القضائي الدرجة القطعية.
وقد حددت المادة (177) من نظام الخدمة المدنية التبعات المالية المترتبة على اعتبار الموظف العام معزولا حكما عن الوظيفة العامة، والتي تتمثل بحرمانه من حقوقه المالية إذا انتهت أو أُنهيت خدمته بالعزل لتحقق أي من الحالات الواردة في النظام، والتي تتعلق بصدور قرارات قضائية قطعية بإدانته بجرائم جزائية من نوع الجنايات أو الجنح.
وحول مدى أحقية الموظف المعزول بالعودة إلى الوظيفة العامة بعد انقضاء العقوبة الجزائية لأي سبب من الأسباب، فإن نظام الخدمة المدنية قد نص ابتداء في المادة (172/د) على عدم جواز إعادة تعيين الموظف الذي عزل من الوظيفة في أي دائرة من الدوائر. إلا أنه أجاز فيما بعد للشخص المعني أن يتقدم بطلب للعمل في الخدمة المدنية شريطة موافقة رئيس الديوان في حال كان العزل يتعلق بصدور حكم قضائي بالحبس مدة تزيد على ستة أشهر، أو من تم شموله بالعفو العام أو رُد له اعتباره وفق أحكام القانون.
إن تعليق عودة الموظف المعزول على مجرد صدور القرار بالموافقة من رئيس ديوان الخدمة المدنية في بعض الحالات لا يتناسب مع طبيعة العقوبة التأديبية التي تقرر فرضها، إذ كان يتعين على نظام الخدمة المدنية أن يفرض شروطا أقسى لغايات السماح لهذا الموظف بالتقدم بطلب العودة للعمل في القطاع العام، أهمها أن تنقضي فترة زمنية معينة على صدور قرار العزل، يحظر خلالها على الموظف المعزول تقديم طلب إعادة التعيين.
إن هذا الإجراء ذاته قد تبناه نظام الخدمة المدنية في المادة (171) منه فيما يخص فرض عقوبة الاستغناء عن الموظف العام الذي توقع عليه ثلاث عقوبات تأديبية من نوع الحسم من الراتب الأساسي أو حجب الزيادة السنوية، حيث يُشترط للسماح للموظف الذي تم الاستغناء عن خدماته بأن يتقدم للعمل في الخدمة المدنية بعد أن تنقضي مدة ثلاث سنوات على الأقل على صدور قرار الاستغناء عنه، وحصوله على قرار من رئيس الديوان في هذا الخصوص.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مدار الساعة (الرأي) ـ نشر في 2022/10/25 الساعة 00:33