منذ جاءت ادارة بايدن الديمقراطية كان واضحا ان علاقتها مع المملكة العربية السعودية لن تكون مريحة وستحمل محطات قلقة، فالحزب الديمقراطي حتى قبل ان يفوز كان يوجه انتقادات ويمارس تحريضا بحق السعودية ودول خليجية اخرى ،وكان يطلق تهديدات بمعاقبة السعودية وقيادتها والحجة قضايا حقوق انسان.
وفي العلاقة الامريكية مع الخليج هنالك ثوابت كبرى في التحالف، وشبكة مصالح لايمكن لامريكا بسببها ان تضحي بعلاقة تاريخية مع السعودية، لكن الديمقراطيين الذين قدموا قرابين من حلفائهم في فترة مايسمى الربيع العربي في مصر وتونس هم ذاتهم الذين كانت مهاجمة السعودية على اجندتهم الانتخابيه، فملف حقوق الإنسان وصناعة الديمقراطية هو مايحاول الحزب الديمقراطي التميز به ،وان كان لهم في منطقتنا والعالم حلفاء مقربين من انظمة لاعلاقة لها بالديمقراطية ولا حتى شكلياتها. السعودية ادركت انها ستعيش مرحلة قلقة في علاقتها مع ادارة بايدن ،ولهذا اعطت اهتماما اكبر لعلاقتها مع روسيا والصين ،بل ذهبت الى بناء مايشبه التحالف في اكثر من مجال مع روسيا ،وكان هذا يحقق للسعودية توسيع خياراتها السياسية والاقتصادية، وكان يزعج جدا ادارة بايدن التي اعترفت بخطأها بترك المنطقة مما زاد من حضور روسيا والصين.وكان المسار الاخر سعوديا التعامل مع الوقت بانتظار الانتخابات الاميركية القادمة، وهذا الانتظار قد يحمل بعض المعاناة في ادارة العلاقة مع دولة كبرى مثل السعودية لكنها سنوات وستمر ،لكن القدر حمل احداثا دولية مهمة غيرت في المعادلة فكانت الحرب الروسية الاوكرانية التي تخوضها الولايات المتحدة وأوروبا في المجالات غير العسكرية، وتركت هذه الحرب في مجال الطاقة اثارا كبيرة على الغرب، فكان على الرئيس الامريكي ان يلجأ الى السعودية صاحبة الثقل في سوق النفط وانتاجه، فقفزت امريكا عما كانت تضغط به على السعودية لتثبت ان قصة حقوق الانسان من ادوات السياسة الاميركية ليس اكثر, وجاء بايدن الى السعودية في زيارة اعتبرها خصومه الجمهوريون وكل العالم تنازلا ،وكان مجمل الزيارة انتصارا سياسيا للقيادة السعودية، خاصة ان بايدن لم يحصل على ماجاء من أجله من زيادة انتاج النفط.السعودية سجلت انتصارا سياسيا كبيرا خلال زيارة بايدن ضد الديمقراطيين ،وأغلقت بذكاء الملفات التي كانت ادارة بايدن تتحدث عنها، وعاد بايدن الى واشنطن وقد قدم لخصومه وهم حلفاء السعودية هناك اوراقا عديدة.الثلاثاء قبل يومين كان رئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد في موسكو ،زيارة مهمة سياسيا ، وقبل ذلك بايام كان القرار الصعب سياسيا واقتصاديا على بايدن عندما قررت منظمة اوبك + تخفيض انتاج النفط ،تخفيض يأتي على ابواب الشتاء الذي تستعد فيه اوروبا لنقص النفط والغاز ،لكن المهم اميركيا انه جاء قبل اسابيع من الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي ليكون القرار ضربة سياسية موجعة لبايدن وحزبه.السعودية وحلفاؤها في الخليج الذين كانوا ينتظرون مرور الوقت للانتخابات الامريكية بعد عامين اصبحوا يتحركون باوراق سياسية واقتصادية عديدة ،وبدلا من الضغط الذي كانت تمارسه ادارة بايدن على السعودية اصبحت تتلقى الضربات السياسية والاقتصادية، يحدث هذا رغم الحديث السعودي المتكرر انها لاتستخدم النفط كعمل سياسي ،لكن هكذا هي امور العالم لاتنفصل فيها السياسة عن الاقتصاد .عندما اندلعت حرب روسيا واوكرانيا التي تحرص اميركا على استمرارها اطول وقت ممكن لم تكن ادارة بايدن قد اعدت حساباتها جيدا، والا فانها كان يجب ان تدرك ان النفط والغاز سلاح مهم في معركة الدول الكبرى ،وكان عليها ان تدرك ان عليها استرضاء السعودية وليس الضغط عليها بورقة حقوق الإنسان التي سرعان مارمتها اميركا في بحر جدة عندما جاء بايدن اليها طلبا لمساعدة السعودية.اذا ما كانت نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس لمصلحة حزب ترامب فان ادارة بايدن ستكون اكثر ضعفا ،وعليها ان تتوقع مع استمرار حرب اوكرانيا ان تتلقى ثمن هذه الحرب وخاصة من الدول التي كانت تحت نيران الاستهداف او الابتزاز الاميركي..رغم كل مايجري فان السعودية تؤكد كل يوم انها لم تستعمل النفط كورقة سياسية ،وان علاقاتها مع الولايات المتحدة قوية واستراتيجية ،لكن الولايات المتحدة مراحل تتغير بتغير الادارت واولوياتها ،فالسعودية حليف استراتيجي لامريكا، لكنه حليف يشعر بالخذلان من سياسة ادارة بايدن تجاه ايران ،وايضا من عمليات الهجوم المركز على السعودية سياسيا واعلاميا ،لكن ظروف العالم وحروبه مكنت بعض حلفاء اميركا من توجيه رسائل قاسية وربما تكون غير متوقعه من ادارة بايدن ..،ومازال الامر مفتوحا على خطوات اخرى من الطرفين.