اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

توقف عن تخديرنا يا دولة بشر الخصاونة


ماهر ابو طير

توقف عن تخديرنا يا دولة بشر الخصاونة

مدار الساعة (الغد) ـ نشر في 2022/10/10 الساعة 00:05
أسال نفسي في مرات كثيرة إذا ما كان رئيس الوزراء الحالي لديه طاقم استشاري يقوم بنصحه، أم أنه ليس بحاجة الى استشاريين، خصوصا، مع هذا الاسلوب الذي يدير عبره علاقته بالناس.
يواصل الرئيس ذات أسلوبه في مخاطبة الأردنيين، وينسى في مرات انهم من اكثر الشعوب تعليما في شرق المتوسط، فوق انهم من اكثر الشعوب استعمالا لشبكة الانترنت وهذا يعني ان المسؤول يجب ان يكون حذرا في كلامه، وألا يتم بيع الماء في مرات في حارة السقائين.
لقد خبر الأردنيون حكومات مخيبة للآمال، وبات لديهم خبرة في الحكومات تعادل درجة الدكتوراه، وهي درجة من العدل منحها لكل الأردنيين، وأن تكون رسالتها حول الحكومات.
لم نجد شيئا نقدمه للناس، ولم يبق سوى الكلام المعسول من قوله ان القادم اجمل، واجمل ايامنا لم يأت بعد، وصولا الى تصريحاته الاخيرة وقوله إن هناك فقراً وبطالة، لكن هناك رجولة وكرامة وانتماء وشهامة، وهكذا تصير دغدغة المشاعر بديلا عن الحقوق.
كيف يمكن صرف هذا الكلام في سوق العملات الوطنية، امام مانراه من واقع، اذ قبل ايام فقط رفعت الحكومة سعر الكاز والديزل، ليصبح سعر الصفيحة، ستة عشر دينارا ونصف، على مشارف الشتاء، بما يعنيه ذلك من آثار خطيرة على تدفئة العائلات، وارتفاع سعر كل شيء، بما فيه المنتجات الصناعية ووسائل النقل التي تنقل السلع والبضائع والخضار والفواكه والادوية.
أين سيباع هذا الكلام، ما دامت اغلب العائلات الأردنية تستدين، اذا وجدت من يقرضها اساسا، من اجل العلاج، او تعليم الابناء، او حتى تغطية بقية نفقات الشهر، في ظل غلاء يأكل الاخضر واليابس، وحين لا ينفع الاختباء وراء موجات الغلاء في العالم، لمقارنتنا مع البريطانيين والالمان والاميركان والاستراليين، خصوصا، ان فروقات الدخل وجودة الحياة، والخدمات، مختلفة تماما.
هذا ليس هجوما شخصيا، لكنها نصيحة ان يسأل الرئيس من حوله وحواليه على رقعة الشطرنج، ماذا يصرح ويقول، وماعلاقة الكلام بالقرارات والتواقيت، وكيفية فهم الناس.
كل الوعود مؤجلة، من التحديث السياسي، الى التحديث الاقتصادي، ولا شيء لدينا سوى بث الايجابية بطريقة تؤدي الى نتائج سلبية، فالأردني يعرف وحده ان لديه فائضا من الرجولة والكرامة والشهامة والانتماء، ولا احد ينتقص او يشكك اصلا في هذه الهوية الاجتماعية لهذا الشعب، لكن هذا الكلام لا يفيد كل هذه الاعداد من الفقراء، والعاطلين عن العمل، ولا اولئك الذين يعملون ولا يجدون مالا لتغطية نفقاتهم، الا اذا كانت الرجولة هنا، بديلا عن الدواء.
هذا تخدير سياسي، لتغطية الفشل في معالجة ملفات اساسية، ويكفي اننا نضيع الوقت ونحن نتفرج على البلد الذي لا يجد شربة ماء، والسدود تجف، والقروض لا تذهب لمشاريع تنموية، بل لسداد قروض ثانية، او فوائد قروض، البلد الذي بناه الآباء والاجداد، حتى صار محسودا، لكنه تعرض لاحقا لداء الاهمال والتراخي، فوق ازمات الجوار، وسوء الادارة والفساد، بما جعل مزاياه تتراجع يوما بعد يوم، على مرأى من ابناء هذا البلد الذين يرونه “اكبر من وطن”.
لا نريد من الرئيس شيئا، سوى التوقف عن هذه الجرعات التي يتم حقن العصب العام بها، فلا ايام اجمل مع هذا الضنك وتوابعه، ولا رجولة او شهامة تصمدان امام فقر أي اب او ام وعجزهما امام الابناء، وليس ادل على ذلك من زيادة حالات الطلاق والانتحار والعنف.
لنتوقف عن هذا الاسلوب، فهو لا يأتي معاجن الأردنيين بالخبز اصلا، ولا يقبله ذكاؤهم الفطري ولا المكتسب عبر السنين يا دولة الرئيس.. فوق ان الواقع اصعب بكثير من هذا التجميل.
مدار الساعة (الغد) ـ نشر في 2022/10/10 الساعة 00:05