اذكر انني كنت اتابع مبارة لمانشستر يونايتد مع احد الفرق الفرنسية على شاشة التلفزيون الاردني.. حينما كان له الحق في بث مباريات ابطال اوروبا.. وخسر اليونايتد الشوط الأول.. وبين الشوطين ادلى ضيف التلفزيون والمحلل الرياضي بدلوه.. وبدأ ينتقد "السير اليكس" على اختياراته.. وبين لنا ان المدرب لا يفقه في التدريب ولا في الاختيارات.. وانه لو كان مكانه لما فعل هكذا..ونسي هذا المحلل السياسي والرياضي والاستراتيجي.. ان "السير اليكس" عنده تقارير عن كل لاعب تفوق بدقتها تقارير المكتب الخامس Mi5..حيث يكون على علم تام بان كل لاعب ادخله الى الملعب.. هو الافضل والانسب في ذلك الوقت لشغل تلك المهمة وتنفيذ الخطة..قد يتبادر لاذهانكم انني من كثرة المواضيع.. تشتت وكتبت عن كرة القدم.. والموضوع الاساسي هو الحرب الروسية وما يتبعها من تحليلات..ولكي اوضح ذلك.. سقت هذه الحادثة لانني مستاء من كثرة التحليلات التي يخرج بها جهابذة التحليل الاستراتيجي والمحليين للوضع.. وللوهلة الاولى ينتابني شعور بانهم مرتكزين على علم ومعلومات تفوق ما لدى اهل الحرب نفسها.. ويشعرونني بان روسيا وجهاز ال KGP "غايبين فيلة" ولا يعلمون بمخططات واهداف الغرب.. والتكتلات والتحالفات.. والمصالح الدولية.. والحروب الاقتصادية.. والنفوذ والسيطرة الجيوسياسية.. وان روسيا كمن أفاقت من سبات عميق.. وما لبثت ان تم إقحامها في تلك الحرب..في الحقيقة انني اذهل عندما اسمع احدهم يتنطع على وسائل الاعلام ويقول بان روسيا لا تفقه في التكتيكات العسكرية الحديثة.. وانها متقوقعة على نفسها.. وسلمت زمام المبادرة والسيطرة للغرب.. وادارتها العليا تدير البلاد سياسيا وعسكريا واقتصاديا بنظريات بائسة قديمة.. وقبل اعوام قليلة كان نفس ذلك الجهبذ.. يتغنى بقوة ونفوذ وشراسة اجهزة المخابرات والاستخبارات الروسية.. ومدى تغلغلها في عواصم العالم الغربي.. وكيف تدير الامور من "الكرملين" وتقلب الموازين.. وتغير الواقع على الارض..وبما ان عدد المحللين العسكريين والاستراتيجيين كبير جدا.. فلن يضير هذا المجال لو اقحمت نفسي فيه وزادوا واحدا..وهنا سأسمح لنفسي وأدلي بدلوي في هذا الموضوع.. واقول بان روسيا لم تدخل الحرب مجبرة.. بمعنى انه كان امامهم خيارات غير الحرب ومن خلال استغلال بنود واضحة من ميثاق الامم المتحدة.. والتي تخولها بفرض حصار وعقوبات على اوكرانيا.. وتجبر الدول الاخرى بالوقوف مع قرارها.. اضافة الى انها لم تدخل الحرب بجيشها بعد.. ولم تعلن روسيا الحرب من حيث المبدأ.. وكل ما نراه هو استنزاف لأوكرانيا ومن حالفها.. على عكس ما يظن "زملائي" المحللين الجهابذة.. بان الغرب ادخل روسيا مرغمة حربا استنزافية طويلة الامد..لم يقل الجنرال الروسي لغاية الآن "القوات تتقدم".. وهي كلمة اعلان الحرب الشهيرة..فالروس استغلوا التنظيمات المناهضة لحكوماتهم في تلك الدول او الولايات.. وامدوهم بالسلاح الذي يجعلهم يستنزفون القوة العسكرية في اوكرانيا..والذي يتابع الشأن الروسي منذ وجود الاتحاد السوفيتي.. يعلم انهم ليسوا اصحاب إعلام مؤثر.. ولا يأبهون بالاعلام ومنابره.. فهم على عقيدة قومية تخدمها وتحميها عقيدة عسكرية لا يمكن النيل منها اعلاميا.. لذلك لا يضيرهم بان يعلن الغرب عن قتل واسر العديد من القوات الروسية.. وذلك لقناعات كل فرد من افراد الجيش الروسي انهم لم يدخلوا الحرب لغاية اللحظة.. وان هؤلاء هم وكلاء عنهم في ارض المعركة.. وان كل ما يذاع اثناء القتال ليس صحيحا.. وان الخبر الحقيقي يأتيهم من قيادتهم فقط..وبرأيي البسيط.. ستدخل روسيا معركة واحدة وليس الحرب كاملة.. وذلك حين تحين لحظة الحسم.. وتُستَنزَف اوكرانيا بيد وكلائها.. ليسجل التاريخ والاعلام ان روسيا انتصرت.. وكما يقال.. الشاطر الذي يضحك اخيرا.. ولم يذكر المثل المدة..بالنسبة للشرق الاوسط.. فستتغير خارطته.. وهنا اقول ليست الخراطة والتقسيمات الجغرافية.. وانما التحالفات السياسية.. فالنفوذ للدول العظمى على دول الشرق الاوسط سيختلف.. وستتبدل الطواقي من على الرؤوس.. واقولها وانا كلي حسرة.. لاننا مربوطون بردات الافعال وليس بالافعال.. فنحن ننتظر من سينتصر.. ومن سيسيطر.. ومن له الحصة الاكبر.. حتى نستقبله وننزل تحت عباءته..اما بالنسبة لِ "البعبع" الصيني.. فلا يمكن لاحد ان يقنعني بان هناك معركة تكسير عظام مع الصين.. فلو كان هذا الحديث قبل عشرين عاما.. قد اوافقهم الرأي.. ولكن حين قامت كل الدول الغربية بنقل ما تملكه من تكنولوجيا الى الصين.. واصبحت الصين تعج بمراكز الأبحاث والتطوير.. ومراكز الصناعة الثقيلة والتقنية والخفيفة.. وسيطرت على غالبية الصناعات حتى التي ما زال يقال عنها غربية.. فهي مصنعة في الصين.. هنا اقول بان اتفاقات تمت خلف الكواليس.. وادوار يتم لعبها بالمسطرة.. ورسم خارطة النفوذ وتوزيع الادوار اوشكت على التطبيق..طبعا كل شيء بيد الله.. وتحت سيطرته سبحانه وتعالى.. ولا احد يعلم بالغيب.. وهذه هي نظرتي للموضوع..وأما موضوع "الثلاثة اشهر" فارجو الله ان اكون صائبا.. ولا يخرج لي احد ويقول "هي المهلة خلصت".. لكي ارد عليه.. اعتبرني مسؤول عن مشروع من المشاريع التي كان من المفروض ان تنتهي بسنة.. واستمر عشر سنوات..أخيرا.. وجب علينا التفريق بين الهواة والمحترفين.. فنحن للاسف هواة في غالب الامور.. فَنُغلِب العاطفة في كثير من الاحيان.. لذلك تخرج افكارنا وقراراتنا وحتى تحليلاتنا مغايرة لما هو على ارض الواقع.. بينما هم.. محترفون.. فتجد ان كثيرا من التحشيد العسكري والاعلامي واصدار قرارات من قِبل طرفي النزاع.. فتعتقد ان القيامة ستقوم بينهما.. وبعد فترة بسيطة ما تلبث أن تسمع ان كل شيء عاد الى طبيعته.. وما كل ذلك إلا وسائل ضغط لدعم مواقفهم.. وادارة للمفاوضات.. وتحصيل للمكاسب..اعتذر منكم بان اقحمتكم في متاهات عقلي.. وتشتتات قناعاتي.. ولكن كتبت هذه الكلمات من باب "اذا انجنوا ربعك.. عقلك ما ينفعك".. واحببت ان أُجَن مثل "زملائي الجهابذة" المحللين السياسيين والعسكريين الذين يملؤون الفضاء بتحليلاتهم.. ولكن على طريقة "ابو الليث"..