يواجه الأردن اليوم تحدياً بالغ الخطورة والصعوبة فيما يسمى بحرب المخدرات، لتكون التهديد الأكبر الذي يواجهنا في الحاضر والمستقبل، والذي لا يقل خطورة عن خطر الإرهاب، ما يفرض علينا طرح تساؤلات حول انتشارها وصناعتها وتهريبها وتوزيعها والجهات والاهداف الخبيثة التي تقف خلفها، وهو ما يشكل قلقاً وتحدياً لصناع القرار والرأي العام، على حد سواء.
الجميع يدرك حجم الكارثة التي نعاني منها والتي باتت تتفشى كل يوم الى أعماق المجتمع، ما يدق ناقوس الخطر لتتخطى هذه الآفة اللعينة كل المحرمات التي تجاوزت الخطوط الحمراء.فالحاجة ماسة الآن الى الضرب بيد من حديد ودون هوادة «أباطرة» المخدرات وسماسرتهم والقبض على كافة مستويات نشاط هذه الشبكات والعصابات، وخلاف ذلك سيبقى المجتمع هو الضحية ويبقى الخطر قائما والقلق يزداد، فالقنبلة الارهابية قد تقتل عدة اشخاص لكن المخدرات تقتل اجيالا بأكملها، وتفتت بنية المجتمع.من هنا كان التأكيد الملكي المتواصل لكافة أجهزة الدولة في التصدي لمثل هذه الآفة، لكن الرسالة الملكية الاخيرة لمدير الامن العام الجديد لا تقل شأناً عن لغة الحرب على الارهاب، باعتبارها مصلحة اردنية عليا.هذا الكابوس الجاثم على صدورنا جعلنا نشعر بالقلق والذعر لأن المخدرات اليوم أصبحت تتسرب بوسائل لا تخطر على بال الشيطان حتى طالت فئات عمرية صغيرة، والأنكى من ذلك انها اصبحت سلعة سهلاً الحصول عليها، وهي اليوم جزء من سيناريوهات جرائم القتل التي تعاظمت وبشكل لسنا معتادين عليه.إذاً، المواجهة، مفروضة علينا في الداخل، وباتت تتمدد في مجتمعنا، وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة عميقة، فالقانون ومعه الأجهزة المعنية، جزء مهم من الحل، وهي تبذل جهودا جبارة لملاحقة البيع والشراء والتوزيع والتهريب، لكن ثمة أماكن أخرى يفترض أن نذهب إليها لمواجهة المخدرات ومحاصرة انتشارها، كدور الأسرة والمدرسة، ومؤسسات التوجيه الديني والثقافي والإعلامي، والرقابة الحقيقية على الأماكن التي تنتشر فيها المخدرات كالمقاهي والأندية الليلية والرياضية...الخخارجياً، نحن تحت نيران حرب مخدرات مكتملة الاركان تمتد ساحاتها من البقاع الغربي وانتهاء بجنوب سوريا، أما أطرافها، فتشمل ميليشيات سورية ولبنانية محسوبة على إيران، وبمشاركة مراكز قوى منتفعة في دمشق، ما فرض على قواتنا المسلحة أعباء وجهوداً جبارة في ضبط الحدود من المخدرات والارهاب وتهريب الأسلحة معا.وهذه المسؤوليات الجمة يتحملها الاردن بالنيابة عن دول المنطقة والمجتمع الدولي، ما يعني أن هذه الاطراف مطالبة اخلاقيا بإسناد الاردن في التصدي لآثار هذه الآفات.اننا نعيش في منطقة تعج بالأزمات من كل الاتجاهات، وأن الحرب مع تجار الموت والمخدرات على الحدود ستستمر لسنوات، ومهما بذلنا من جهود فلن نصل الى حالة الكمال في إحداث علامة فارقة، في ظل عدم وجود شركاء فاعلين على الطرف الآخر من حدودنا الشمالية، إلا أن ما يبعث على الامل والتفاؤل ثقتنا في قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ويقظة الجيش والاجهزة الامنية في دحر عصابات المخدرات والقضاء على أوكارهم.
الأردن بمواجهة حرب المخدرات
مدار الساعة (الرأي) ـ