فيما تتواصل ردود الأفعال الأوروبية وخصوصاً الأميركية, الرافضة الاستفتاءات التي جرت في جمهوريّتي دونباس/لوغانسك ودونيتسك, إضافة إلى مُقاطعتي خيرسون وزابوروجيه, مصحوبة بتحذيرات من عواقب ضمّ المقاطعات الأربع إلى قوام الاتحاد الروسي. يبرز في الأثناء موقف دولة العدو الصهيوني الرافض «بشدة» تلك الاستفتاءات ونتائجها, وهو ما عبّر عنه بيان الخارجية الصهيونية مساء الثلاثاء الماضي, الذي جاء فيه أن «إسرائيل تعترف بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها, مُضيفاً أن تل أبيب «لن تعترِف بنتائج الاستفتاءات في المقاطعات الشرقية لأوكرانيا».
ما يعكس من بين أمور أخرى مدى وعمق النفاق الأوروبي وفي الأساس الأميركي, الذي «يُبيح» لإسرائيل ضم/واستيطان مناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة, على النحو الذي أجازه الرئيس الأميركي السابق/ترمب في ما سُمّي «صفقة القرن». دونما أي اعتبار لما يُصدِّع به رؤوسنا المعسكر الغربي الإمبريالي عن ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان وغيرها من المعايير والمصطلحات التي صمُمت لخدمة مشاريع الهيمنة الغربية ونهب ثروات الشعوب ومصادرة حقوقها وبخاصة حق تقرير المصير.وإذ صادف أمس الأربعاء 28 أيلول الذكرى «22» لـ«انتفاضة الاقصى» وما تبِعها من حملة عسكرية دموية وضارية قادها مجرم الحرب ارئيل شارون تحت اسم «السور الواقي», أعاد فيها ومن خلالها احتلال الضفة الغربية المحتلة, مُطيحاً بذلك اتفاق أوسلو ومُعلناً في زهو أنه بات من الماضي، فإن التصريحات المُثيرة واللافتة التي أدلى بها السفير الأميركي في إسرائيل/توماس نايدز (وهو الذي إحتلّ بالمناسبة المرتبة الرابعة في القائمة السنوية التي تُصدرها صحيفة «جيروسالم بوست» الصهيونية لـ«كثر اليهود» نفوذاً في العالم), أدلى بها لموقع «ذا هيل» الإلكتروني الأميركي واسع التأثير والمتابعة, وهو مَوقع يُوصَف بأنه مُقرب من المؤسسة التشريعية الأميركية/الكونغرس, خاصة قوله: إن مُهمَته الرئيسية في المنطقة هي «الحفاظ على الهدوء و(ركود المياه)».لم يضع سعادته «السلام» أولوية في مهمته, أو على الأقل العمل على ايجاد مناخ لـ"استئناف ما يُوصف عملية السلام». مُعتبراً أن الضفة الغربية تُسبِّب حالة من «القلق» فقط. في الوقت ذاته الذي لاحظتْ فيه لورا كيلي وهي تُجري مقابلة لصالح الموقع المذكور «ذا هيل", أن السفير نايدز (وهو يهودي كما لفتت الصحافية) كان يرتدي «خيطاً أحمر اللون» على مِعصمه، في علامة (كما أشارت الصحافية نفسها) على ممارسة «الكابالا» اليهودية، لكنه سارعَ إلى وصف نفسه بأنه «ليس آيديولوجياً».معروف أن إدارة بايدن لم تُعيّن سفيراً جديداً في تل أبيب إلاّ في شهر تشرين الثاني/2021 أي بعد عشرة أشهر من دخول بايدن البيت الأبيض رئيساً جديداً. وأن وصول السفير نايدز جاء بعد «تأكّده» أن بايدن لن يُغيّر أي من قرارات سلفه/ترمب بخصوص إسرائيل, بما في ذلك نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة على ما أشارت الصحافية الأميركية, وهي إشارة تستبطِن الكثير خاصة لِجهة طبيعة المهمة التي أنيطت بسعادته.وبصرف النظر عن تصريحات السفير الأميركي في إسرائيل حول «حِرص» ادارته بايدن على إطلاع إسرائيل عن كثب بشأن خطط العودة للاتفاق النووي مع إيران, وتأكيد نايدز أن إسرائيل «تُعارض سعي الإدارة لإحياء الاتفاق النووي، وأن الولايات المتحدة لن تمنع أي إجراءات أحادية ضد إيران لمواجهة تهديداتها الأمنية». فإن ما يعنينا هنا هو ما أعلنه حول موقفه مما يجري على الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ زعم أنه يقضي أكثر من 60% من وقته لحل «القضايا الفلسطينية» (...) مُعتبراً أن مساعدات إدارة بايدن لشبكة مستشفيات القدس الشرقية (الفلسطينية), هدفها هو مساعدة الشعب الفلسطيني على عيش «حياة أفضل»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن هذا بدوره «سيُؤدي إلى تقوية إسرائيل من خلال الحدّ من العنف»!!.بل مضى وبلا خجل في منح الأولوية لـ"المال الأميركي» في تعاطيه مع الفلسطينيين, عندما قال: يعرِف الفلسطينيون أننا أقرب الأصدقاء الذين (لديهِم مال), وهم «يعتقدون» بأننا نريد مساعدتهم.. زاعماً اكثر من مرّة بأنه «يستيقظ كل يوم وهو «يُحاول» معرفة كيف يمكن تحسين حياة الفلسطينيين قليلاً(..).في السطر الأخير وفي قفز عن كثير من الأقوال المُستفِزة والمُنافقة للسفير الأميركي في إسرائيل, فإنه أجاب حول جريمة اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة بالقول: لا يُمكن ابلاغ إسرائيل بما يجب أن تفعله، فهي - أضاف سعادته - «دولة ذات سيادة».فـَ«تأمّلوا».kharroub@jpf.com.jo