انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

قصص حقيقية للنساء والفتيات ضحايا جرائم الإغتصاب في الأردن

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن,المركز الوطني للصحة النفسية,دائرة قاضي القضاة,وزارة العدل
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/24 الساعة 12:59
حجم الخط

ضحايا الإغتصاب يتحدثن عن تجاربهن...

ضحية الجريمة الجنسية تمر بمرحلتين مرحلة حادة وأخرى مزمنة قد تمتد طوال العمر

تزويج الضحية من المغتصب لا يمكنه معالجة الآثار النفسية والجسدية والإجتماعية للجريمة

مدار الساعة - اشر معهد "تضامن" بأن عدد من ضحايا الجرائم الجنسية التي تمت مقابلتهن وشملتهن الدراسة حاولن الإجهاض نتيجة الحمل الناتج عن الإغتصاب، حيث قالت المجني عليها لبنى (إسم مستعار) وعمرها 30 عاماً :"عدت للمنزل وأخبرت والدتي وطبعا حاولت الإجهاض بكل الطرق فذهبت لطبيبة تدعى (***)، وطلبت منها دواء لاسقاط الحمل ووصفت لي دواء وقالت لي ( إذا الحمل قوي ما بنزل واذا مش قوي بنزل) لكن للأسف ما نفع الدواء، وبعد ذلك ذهبت لطبيب يدعى (***) وأعطاني إبرتين ودواء وقال لي أيضا "بعد اسبوع يمكن ينزل ويمكن لأ حسب الحمل لكن هذه محاولة إنشالله بتزبط "، وطبعاً ما إستفدت ومره ثانيه أخذت إبرتين لكن بدون فائدة ، وأصبحت أتنقل من طبيب لطبيب ومن عيادة لعيادة الى أن أصبحت حامل بالشهر السادس فعدت للدكتور مرة أخرى وكانت المصيبة أنه أخبرني أن "كوكتيل الادوية" وكثرة محاولات الإجهاض قد شوهت الجنين، فأصبحت مصيبتي متعددة الأوجه...".

وأكدت الدراسة على أن ضحية الجريمة الجنسية تمر بمرحلتين مرحلة حادة وأخرى مزمنة قد تمتد طوال العمر، والمرحلة الحادة تستمر من ساعات لعدة أيام بعد الإعتداء الجنسي، وتعاني الضحية خلالها من إضطراب في التصرفات والسلوكيات المعتادة، وتهيج وإنفعال وغضب، ولوم النفس وشعور بالذل والتحقير والمهانة، ويمكن للضحية كتم أحاسيسها وإنفعالاتها، وإختزان معاناتها النفسية شديدة الإيلام في اللاشعور مما يسبب في كثير من الأمراض والمشاكل النفسية الخطيرة والمزمنة.

وتقول المجني عليها سهير (إسم مستعار) وعمرها 40 عاماً وهي ضحية جريمة إغتصاب :" بعد فترة من الوقت مرضت بشدة وتغيبت عن العمل، وذات يوم ... أغمي علي وتم أسعافي ونقلت الى المستشفى للعلاج وخرجت، لكنني بقيت أعاني من مشاكل نفسية تركت آثاراً صحية وجسدية علي، لذلك أعتقدت أسرتي أنني " مسحورة / جن راكبني " وأصبحت شغل أمي الشاغل من فتاح لشيخ لدجال لمشعوذ طوال الوقت ولم يتغير علي شيئ لأنني كنت أعرف سبب مشكلتي. وأستمرت هذه الحال لأكثر من أربعة أشهر ودون فائدة تذكر. أما عائلتي فإتهموني بالجنون وتم فحصي بمستشفى الأمراض العقلية / الفحيص وهناك عندما رأيت النزلاء " شفت المرضى وإنجنيت" وبقيت هناك لأكثر من شهرين في هذه المستشفى لفحص قواي العقلية، وفي المستشفى شاهدت أشياء لم أشاهدها من قبل ... حيث أن هذه التجربة بالنسبة لي كانت أشد قسوة وألماً من الإغتصاب لأنني عشت مع مجانين ... ولاحقا كان هناك تقرير يشخص حالتي بأنني أعاني من أضطراب مزاج وتم صرف العلاج لي على أن يكون لمدة طويلة حتى تستقر حالتي النفسية، وبعد ذلك تم الطلب من أخواني إستلامي من المركز الوطني للصحة النفسية لكنهم رفضوا إستلامي رغم الوعود الكثيرة منهم".

فيما قالت المجني عليها خوله (إسم مستعار) وعمرها 19 عاماً وهي ايضاً ضحية لجريمة إغتصاب :" وأنا لما روحت من الحادثة، على طول أول ما دخلت البيت قلت لأمي خديني على الشرطة وبعديها أنا مش متذكرة إشي وهي الدكتورة حولتني على طبيب نفسي، كنت تعبانه كتير نفسياً وجسدياً وأنا في نفس المستشفى كنت بدي أقتل حالي أكثر من مرة وصاروا يعطوني مهدئات وأدوية نفسية، تسع أشهر أنا أخذت الدواء مع أنه أمي ما كانت راضية أخذ الادوية".

وتشدد "تضامن" على أن إسترجاع ضحايا الجرائم الجنسية للحادثة التي تعرضن لها تسبب لهن إضطرابات قد تكون على شكل كوابيس وأحلام مزعجة، والحزن والألم والتوتر، والإعتقاد بإمكانية حدوث تكرار للحادثة، وشعور بالألم الشديد عند مشاهدة ما يذكرها بالحادث من حيث الأماكن والأشخاص، ولتجنب ذلك فقد تعمد الضحية الى الإبتعاد عن كل ما يذكرها بالحادث، وقد تلجأ الى الكحول والمخدرات، أو العزلة والإنطواء، وقد تعاني من برود عاطفي، وصعوبات بالنوم ونوبات غضب وسلوك عدواني، وتشنج وصعوبات في الإسترخاء، وصعوبات في التركيز، والمبالغة في ردة الفعل عند أي تنبيه أو ملامسة من قبل الآخرين. وخاصة عند مشاهدة الجاني فكيف إذا تزوجها؟

أما إضطرابات ما بعد الصدمة فقد تشمل كل أو بعض الأمور التالية: النوبات العنيفة، والسلوك الإجرامي، والإكتئاب، والميول الإنتحارية، والعنف الشديد، والإسراف الكحولي، والشعور بالغربة، وإنخفاض الإنتاجية، ونوبات البكاء ورثاء الذات، والموت المؤقت للعاطفة.

ثلاثة من كل خمسة أردنيين يعتقدون بأن الجاني يتزوج الضحية وفق المادة 308 للإفلات من العقاب

وفيما يتعلق بالمادة 308 من قانون العقوبات الأردني والتي تشمل عدد من الجرائم الجنسية كالإغتصاب وهتك العرض وفض البكارة بوعد الزواج والخطف، فتشير "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بالدراسة عن الاسباب التي تدفع بالجاني عرض الزواج من الضحية، أفاد 62.5% منهم بأن السبب هو لحصول الجاني على إعفاء من الملاحقة القضائية أو المحاكمة أو تنفيذ العقوبة، وكانت النسبة الاعلى بين الأردنيين في الفئة العمرية 26-35 بنسبة بلغت 72%. وأما السبب الثاني فكان لتلافي الوصمة الاجتماعية عليه بنسبة بلغت 15%.

وتؤكد "تضامن" على أننا في الأردن حققنا إنجازات كبيرة للنساء في مجالات كثيرة كالتعليم والرعاية الصحية وغيرها إلا أننا في جانب العدالة الجنائية وضمانات الحق في الوصول إلى العدالة لضحايا الجرائم الجنسية ما زلنا نراوح مكاننا أسرى تقاليد إجتماعية لم تعد تلائم العصر ولا تليق بوطننا ولا تلائم مجتمعنا في هذا الزمن.

فعندما يتعلق الأمر بنظام العدالة الجنائية وخاصة ما يتعلق بالجرائم الجنسية الواقعة على النساء والفتيات والأطفال على الأغلب، فإننا نعتبر بقاء المادة 308 أمر مؤسف لأنه يحمل دلالات واقعية ورمزية خطيرة وسلبية تشير – في حال الإبقاء على المادة - إلى موافقتنا كمجتمع على معاقبة الضحايا فقط لأنهن إناث وتمكين الجناة من الإفلات من العقاب فقط لأنهم ذكور ؟؟؟!!!

تطبيق المادة 308 ينطوي في حقيقته على إعتداء على الحق العام

وتضيف "تضامن" أن تطبيق المادة على النحو الوارد في القانون ينطوي في حقيقته على إعتداء على الحق العام فالجريمة الجنسية هي جريمة ضد الأشخاص نعم ، ولكنها أيضاً جريمة بحق المجتمع ، لأن أي تهاون معها يجعلها قابلة للتكرار من الشخص ذاته أو من غيره، مطمئناً الى أنه قادر على الإفلات من العقاب وهو وضع لا يحقق هدف التشريع الجنائي في الردع الملائم العام والخاص، وبالتالي لن تتحقق العدالة والمصلحة المتمثلة في الوقاية من الجرائم والحد من وقوعها، كما لن يتحقق هدف حماية وإنصاف الضحايا وتأهيلهن.

وتشير "تضامن" الى أن المادة 308 تسمح بالتمييز بين الناس في حالة تعدد المعتدين، أو في حالة عجز الجاني المادي عن الوفاء بمتطلبات الزواج من الضحية، أو في حالة إختلاف الدين، وخاصة إذا لم يكن الجاني مسلماً، أو إذا كانت الضحية متزوجة، كما أنها تعطي الإنطباع بتوقيت عقد الزواج وتحديد إلزاميته بمدة معينة ولو ضمنياً من خلال إطلاقها لحق المعتدي بطلاق المعتدى عليها بعد مرور خمس سنوات أو ثلاث سنوات دون عقاب.

علاوة على إفتقاد عقد الزواج في هذه الحالات إلى أحد أهم أركانه وهو ركن الرضى وأهم غاياته وهو تكوين أسرة تسودها المودة والرحمة والإحترام والسعادة.. لأن ركن الرضى وإن تحقق شكلياً إلا أنه غير متحقق فعلياً فالغاية من مثل هذا الزواج هو إتقاء الفضيحة بالنسبة للضحية والإفلات من العقاب بالنسبة للجاني - وهذا ما أكدت عليه الدراسة التي نفذتها "تضامن" - وكلاهما غاياتان لا تتوافقان والغاية من الزواج وتكوين الأسرة ... فالمودة والرحمة والإختيار الحر كلها غائبة عن مثل هذا العقد مما يتناقض مع الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية في هذا المجال ، إن التوقيت الزمني وغياب ركن الرضى يؤدي إلى هدم ركنين أساسيين من أركان صحة عقد الزواج وهو ما أشارت إليه الفتوى الصادرة بهذا الشأن عن دائرة الإفتاء في المملكة.

وأثارت الدراسة تساؤلات تتعلق بالغاية من وجود المادة 308 في ظل إستغلال إستخدامها من أغلب الجناة خاصة في جريمتي هتك العرض والإغتصاب، حيث أكدت العديد من ضحايا الإغتصاب التي تمت مقابلتهن على إنتهاء الزواج بالطلاق قبل مرور المدد القانونية المحددة ولم يتم إعتبارها كحالات طلاق غير مشروع نظراً لضعف المعرفة القانونية للضحايا مقارنة بالمعرفة القانونية للجناة.

وجدت الدراسة ضعفاً شديداً بل إنعداماً للتنسيق بين دائرة قاضي القضاة ووزارة العدل فيما يتعلق بإعادة ملاحقة الجناة في حال تم الطلاق بدون سبب مشروع قبل إنقضاء المدد المحددة بالمادة 308، مما يشكل إهداراً وتساهلاً بالحق العام، وخلالاً لصالح مرتكبي الجرائم الجنسية يمكنهم من الإفلات من العقوبة المقررة لذلك.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/24 الساعة 12:59