أمس كنت في السيارة, وبث المذياع أغنية لراغب علامة, تقول كلماتها: (أنا مش أنا ولا انت انت.. ولولاي انا ما كنت انت انت)... للعلم أنا رجعت لجوجل وقرأت كلمات الأغنية ودونتها.. ولكني لم اعثر على كاتب الكلمات, ولكني عثرت على بقية الأغنية: (ودي المعادلة الصعبة.. ولما الائي مناسبة حئولها على الملا.. أنا مش أنا)..
فكرت مليا في الكلمات, يبدو أنه لا يوجد فارق بين ابن عربي وراغب علامة, راغب لا يقدم (أغنية ماسخة) ولكنه يقدم تجليات في التصوف, يقدم نظرية جديدة.. لا بل ينسف الوجودية من أساسها.. وأنا بصراحة أخاف عليه أن يلقى مصير الحلاج..راغب يبدو أنه ولج باب التصوف من زاوية الفلسفة... مثل ابن عربي, الذي كان شغوفا بقراءة تاريخ الأديان, والتنسك ودرجاته... ولكن يقال إن هذه المسألة جعلته يبلغ درجة روحية عالية حين ادعى بأن طائرا من السماء قد دعاه للرحلة إلى الشرق إلى مدينة فاس وأنه سيكون حاميه وملهمه الروحي.. ابن عربي أيضا ادعى أنه تواصل مع الذين ماتوا من الأمم السابقة عبر الروح.راغب في هذه الأغنية يبدو أنه ينحى منهج ابن عربي.. ويقدم نظرية فلسفية عظيمة..أنا اعرف أني أمارس (التخويث) قليلا, ولكن هل وصل الأمر بنا إلى ابتذال اللغة العربية إلى هذه الدرجة, أنا لا أعرف حقيقة.. كيف يدرس طلبة الفلسفة في السنة الرابعة, ابن عربي ومالك ابن الريب ورابعة العدوية.. وحين يركبون في الباص أو التكسي عائدين إلى منازلهم يسمعون أغنية: (انا مش أنا).. لا أعرف كيف تناقش مئات رسائل الدكتوراة في تطوان والقاهرة وبغداد.. حول جماليات اللغة والبلاغة.. وفي ذات الوقت تبث الإذاعات الوطنية في معظم هذه الدول تلك الأغنية.مشكلتنا في العالم العربي هي (الابتذال).. وأول مشاريعه كانت عبر الأغنية, التي راجت أكثر من الكتاب وأكثر من المخطوط وأكثر من كل محاضرات الشعراوي وندواته..نحن في العالم العربي نحتاج لوزارات تحمي الذوق العام.. فكلما امتطيت وسيلة نقل أو فتحت الهاتف أطل علينا (راغب بن علامة) بنظريته التي تنسف الوجودية.. (أنا مش أنا)..أخاف أن تؤسس الجامعات فيما بعد كليات باسم: كلية راغب.Abdelhadi18@yahoo.com