لا يعكس اعتراف رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بانحسار الثقة العامة بين اركان السلطة والشعب, في اول زيارة لرئيس حكومة الى محافظة الطفيلة منذ 2010 حتى اليوم, الا قوة لحكومته التي جاءت في ظرف استثنائي وبمهمات محددة سلفا قوامها مقاومة الوباء ومجابهته, وأظنها حققت المطلوب منها على المستوى الطبي والاجتماعي بكفاءة, وحققت على المستوى الاقتصادي نجاحا ملموسا, بحكم ارتباط الاقتصاد بظروف خارجية وداخلية متشابكة ومعقدة, وجاءت حرب اوكرانيا لتضاعف صعوبة التعافي, ولكنها ورغم مهمتها المحددة في كتاب التكليف بمواجهة الوباء, حققت اختراقات مهمة على الاصعدة الثلاثة التي قادها الملك باقتدار, واظن ان وجود حكومة برئيس قوي سارعت في انجاح المنظومة الثلاثية للاصلاح الشامل, فالمعروف عن الخصاونة انضباطه الصارم بالامر الملكي, وتنفيذه لهذا الامر بطريقة لا تخلو من مرونة يحددها شكل القائم محليا واقليميا.
الاعتراف كان مشمولا بإدراك اسباب هذا التراجع, اي انه ليس اعترافا لغايات الاسترضاء والارضاء, فسيكون هناك خطوات مستقبلية لضمان انهاء العلاقة العكسية بين المواطن والحكومة بوصفها التعبير التنفيذي لاركان السلطة، كما قال الخصاونة, واول هذه الخطوات هي تحقيق الوعود بتحسين معيشة المواطن في المحافظات بشكل سريع من خلال توجيه الاستثمار الى تلك المناطق التي عانت من تهميش على مستويات متعددة بحيث باتت اقرب الى التهشيم منها الى التهميش, وربما ان هذه المرة الاولى التي يعترف بها رئيس حكومة وبادراك حميد, ان حكومته تعاني من تراجع الثقة, في خطوة تسجّل للخصاونة الذي يتعامل بمنهجية مع الازمات دون مغازلة الرأي العام بغرائزية او باسترضائية تساعد حكومته على قطع مسافة زمنية اكبر, لتنفجر الازمة في حضن الدولة لاحقا, كما حدث في حكومات متعددة.اعتراف الرئيس نصف المسافة للحل, فأول خطوة للعلاج هي الاعتراف بالمرض, وهذا تم, ماذا عن العلاج اذن, سؤال تتطلب اجابته المواجهة الحقيقية الصارمة, فالمحافظات ايضا لم تقدم تطمينات كبيرة للمستثمرين كي يخوضوا غمار الاستثمار في جنباتها, بحكم البنية الاجتماعية التي تعين الظالم والمظلوم على حد سواء, وتنصر ابناء المحافظة حتى لو كانت تجهيزاتهم اللوجستية والمعرفية محدودة, فاقبال ابناء المحافظات على متطلبات سوق العمل من تعليم تقني ومهني كان ضعيفا, واسهمت حكومات سابقة في تعزيز ذلك, من خلال ابتكار مشاريع توظيف سطحية, وليس بناء قدرات مهنية او تقنية, حتى لا نظلم ابناء المحافظات الجنوبية تحديدا, لكنهم ايضا قصرّوا بحق انفسهم, وتركوا قلة قليلة ترسم الصورة الخشنة عنهم.صحيح ان دور الاستثمار والشركات الاجتماعي مطلوب كواجب وليس هبة او على طريقة الرشى, ولكن التحضير وحماية الاستثمار واجب المحافظة وابنائها, حتى لا نتحول الى الهوية الفرعية في الوظيفة والشغل, وهذا احد ابرز اسباب تراجع الادارة العامة في الاردن, منذ اعلاء الهوية الفرعية في المحافظات لطبقتي المديرين والموظفين, ويجب التخلص منها سريعا لصالح الكفاءة, بعد توفير ادوات المعرفة لابناء المحافظات, الذين تركناهم اسرى لتعليم لا يسمن ولا يغني من جوع استنفد موارد ومخزون ذويهم, وزيارة الرئيس الى الطفيلة حملت الكثير من الرسائل الدقيقة والرقيقة في أن واحد, وربما بحكم محبة خاصة للطفيلة واهلها, اقول ان الفرصة قائمة لتحسين وضع الطفيلة بما يليق بنبل اهلها وكرمهم وشهامتهم, فالمعرفة هي المطلوبة اليوم وكذلك المهارة, واظنهم قادرين على نهضة محافظتهم.omarkallab@yahoo.com