صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بتعيين دولة السيد فيصل الفايز رئيسا لمجلس الأعيان، حيث تنتهي ولاية الرئيس الحالي مع نهاية هذا الشهر، ليقرر جلالة الملك إعادة تعيينه لمدة سنتين شمسيتين وذلك عملا بأحكام المادة (65/2) من الدستور.
وبصدور القرار الملكي بتجديد الثقة برئيس المجلس، تنتهي كافة التكهنات والتحليلات السياسية التي انتشرت في الفترة الأخيرة حول إعادة تشكيل مجلس الأعيان. فلو كان هناك توجه ملكي بحل المجلس الحالي وإعادة تشكيله لصدرت إرادة ملكية سامية بهذا الخصوص. أما وقد اقتصر الأمر الملكي على تجديد الثقة بالرئيس الفايز، يكون جلالة الملك قد اختار الإبقاء على التشكيلة الحالية لمجلس الأعيان، الذي حدد المشرع الدستوري مدة العضوية فيه بأربع سنوات شمسية.إن مجلس الأعيان يجتمع عند اجتماع مجلس النواب وتكون أدوار الانعقاد واحدة للمجلسين وذلك عملا بأحكام المادة (66/1) من الدستور. وعليه، يكون الوضع الدستوري الأمثل بأن يتوافق العمر الزمني لمجلس الأعيان مع مجلس النواب المنتخب، وألا يتم حل مجلس الأعيان وإعادة تشكيله في الفترة التي يقضي فيها مجلس النواب سنواته الدستورية الأربع، خاصة في ظل غياب أي عُرف دستوري يوجب حل المجلس المعين كل سنتين من عمره.وما يميز الأحكام الدستورية المتعلقة برئاسة مجلس الأعيان أنها ثابتة ومستقرة منذ صدور الدستور الأردني بحلته الأولى في عام 1952 إذ لم يطرأ عليها أي تعديل أو تغيير، ذلك على خلاف النصوص ذات الصلة برئاسة مجلس النواب التي امتازت بحالة من اللا ثبات فيما يتعلق بمدتها الزمنية. فمدة رئاسة مجلس النواب كانت سنة شمسية واحدة، ومن ثم جرى زيادتها لتصبح سنتين شمسيتين في عام 2016، قبل أن تعاد هذه المدة إلى سنة واحدة في التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2022.ولا يتقصر الاستقرار في مجلس الأعيان على منصب الرئيس، بل يمتد ليشمل أعضاء المكتب الدائم من نواب الرئيس ومساعديه ولجان المجلس الدائمة، التي يتم تشكيلها بالتوافق بين الأعضاء المعينين لمدة سنتين شمسيتين. وعليه، فإن الاستحقاق الدستوري القادم لمجلس الأعيان يتمثل بإعادة تشكيل مكتبه الدائم ولجانه النيابية وتسمية رؤساء اللجان ومقرريها، والذي من المتوقع أن يتم بالتراضي كالعادة دون اللجوء إلى أسلوب الانتخاب.ومع إعادة تعيين الرئيس الحالي لمدة سنتين قادمتين، يستمر السلوك الدستوري الذي تتبعه السلطة التنفيذية ممثلة برئيسها جلالة الملك في اختيار رؤساء وزراء سابقين لرئاسة مجلس الأعيان. فمن خلال استعراض الشخصيات السياسية السابقة التي تبوأت منصب رئيس مجلس الأعيان منذ عام 1947 حتى تاريخه، نجد بأن القاسم المشترك بينهم أنهم كانوا رؤساء وزراء سابقين، باستثناء المرحوم أحمد الطراونة الذي تولى رئاسة مجلس الأعيان في عام 1983 ولمدة أقل من سنة.ومنذ ذلك العام، تعاقب على مجلس الأعيان رؤساء سبق وأن جرى تكليفهم بتشكيل حكومات في الماضي، وهذا ما يعزز من وجود عُرف دستوري مستقر مفاده أن رئيس مجلس الأعيان هو رئيس وزراء سابق. فخلال الأربعين سنة الماضية، شغل منصب رئيس مجلس الأعيان رؤساء وزراء سابقين، بشكل يمكن معه القول بأن الركن المادي في العُرف الدستوري المتمثل بقيام الملك باختيار رئيس وزراء سابق رئيسا لمجلس الأعيان قد تواتر بشكل مستمر ومتواصل ولفترة زمنية طويلة دون انقطاع. ليتشكل إثر ذلك الركن المعنوي للعُرف المتمثل بإلزامية ذلك السلوك، واعتباره شرطا من?شروط رئاسة مجلس الأعيان.وتجدر الإشارة إلى أن جلالة الملك يمارس حقه الدستوري في تعيين رئيس مجلس الأعيان بإرادة ملكية منفردة لا تحمل توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص، وذلك ضمن التوجه التشريعي القائم على تحديد صلاحيات رأس الدولة بشكل محدد لتشمل تفرده في تعيين المناصب السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية والدينية، على أن يتولى رئيس الوزراء المنتخب في الحكومة البرلمانية الصلاحيات الأخرى وفق أحكام الدستور.أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق/الجامعة الأردنيةlaith@lawyer.com
رئاسة مجلس الأعيان
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
رئاسة مجلس الأعيان
أ. د. ليث كمال نصراوين
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
مدار الساعة (الرأي) ـ