حادثة اللويبدة، أخطر بكثير مما نظن، ومما يعتقد البعض، فهي تؤشر عموما على البنية التحتية القديمة المتهالكة في هذا البلد، وهذا ملف معقد، وممتد على مستويات واسعة في الأردن.
من حادثة ميناء العقبة، وصولا إلى حادثة اللويبدة، مرورا بحادثة أطفال البحر الميت، ومستشفى السلط، وغير ذلك من حوادث وقعت في الأردن، نستنتج بكل وضوح أن البنى التحتية متهالكة، وتعرض الناس إلى الخطر، وهذا يفرض إعادة قراءة هذا الملف بكل تفاصيله وليس على مستوى حادثة بحد عينها قد تتكرر في مواقع ثانية، وبأنماط مختلفة، أو أسباب متعددة، وهذه التحذيرات ليست جديدة، بل قيلت مرارا قبل هذه المرة، ولم يسمعها أحد.هذا الكلام لا يأتي انتقاصا لجهود أحد، لكن بكل بساطة البلد بحاجة إلى صيانة عامة، وكل الدول المتطورة حين تفتح شارعا جديدا، تحسب حسابا مسبقا لمخصصات صيانته بعد سنوات، لأن صيانة البنى التحتية أكثر كلفة ربما من إقامة هذه البنى على كل المستويات.على مستوى البيوت القديمة، في عمان والزرقاء والسلط وإربد، والقرى، وبعض المخيمات والأغوار والبوادي هناك آلاف البيوت بحاجة إلى هدم وإعادة إعمار، فمن سيتولى هذه المهمة.ثم أليس واجبا تحديد صلاحية زمنية لكل بناء على طريقة أي منتجات، ومنع أي أعمال ترميم بدون موافقة مسبقة، من البلديات، أو نقابة المهندسين، أو الجهات ذات الاختصاص في الأردن.من سيقوم بتمويل كلف هدم البيوت الآيلة للسقوط، او ترميمها، اساسا، ومن يراقب وضع البيوت دون تعسف، ويفرق بين الترميم، والهدم وإعادة البناء، دون ان نتورط في هجوم عشوائي على كل البيوت القديمة، وبعضها ما يزال بحالة جيدة، وقد يحتاج الى ترميم جزئي.اللافت للانتباه أننا قد نجد بيوتا في الأردن وبلاد الشام ومصر، واوروبا عمرها مئات السنين، ولا تنهدم أو تتخلخل بسبب الصيانة المتواصلة، وبسبب عدم وجود أخطاء في البناء من الأساس.القصة هنا لا تقف عند البيوت القديمة، بل تمتد الى صيانة الشوارع وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وكل البنى التحتية، إضافة إلى وضعية المعدات والآليات في المؤسسات العامة.نحن بحاجة لمراجعة عميقة، أيضا، لوضع المعدات في البلديات والوزارات، وبقية المؤسسات الرسمية، إذ إن أغلبها قديم، فوق أن عددها غير كاف لمواجهة ظروف أكبر، وهذا واقع يمتد حتى الى الخدمات البلدية، والصحية الحكومية، وغير ذلك، بما يجعلنا نقول اننا امام زيادة عدد سكان الأردن، وتوسع رقعة السكن بحاجة الى مخصصات مالية كبيرة، لصيانة البلد.الرسميون في الاردن لا يحتملون النقد، ويقولون لك ان الحوادث تقع في كل مكان، وهذا صحيح، لكننا نفتح الباب للأسئلة حول إذا ما واجهنا ظرفا أصعب، ولماذا نميل كل مرة الى التبرير، خصوصا، بعد توالي الحوادث التي يجب ان توقظ الغائبين، وتضعهم امام مسؤولياتهم، بدلا من جدولة الازمات بهذه الطريقة، والبحث عن أكباش فداء إسكاتاً للرأي العام في الأردن.هي فرصة كبيرة لمراجعة كل شيء، ولأن ذريعة عدم المراجعة هي قلة المال، فلتذهبوا وتطلبوا من أي دولة مساعدتكم، أو لتأخذوا قرضا كما هي العادة، من أجل إغلاق كل هذه الثغرات.الحوادث يجب أن يدفع ثمنها كبار المسؤولين، وليس صغارهم، والهروب من المسؤولية السياسية، نحو المسؤولية الفنية، قد يبدو قلة مسؤولية أحيانا، ونحن هنا لا نوظف الحوادث لتصفية حسابات سياسية في عمان، لكننا نؤشر إلى استحقاقات الضمير أولا.قبل أكباش الفداء، نريد حلا جذريا لكل شيء.
إذا واجهنا ظرفا أكثر صعوبة
مدار الساعة (الغد) ـ