منذ سنوات ونحن نحذر من المصير المجهول الذي ينتظره اللاجئون السوريون في البلدان التي تستضيفهم وخاصة الدول المجاورة لسوريا وهي لبنان وتركيا والأردن فلا أحد من اللاجئين يعرف ما هو المصير المستقبلي له؟ واقصد بذلك وضعهم شبه النهائي المتمثل إما بالعودة إلى ديارهم أو اعادة التوطين في بلدان ثانية غير التي تستضيفهم الآن أو الاندماج في المجتمعات التي يقيمون فيها.
لا أريد الخوض في تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الذي يدق ناقوس الخطر بشكل مباشر على الأوضاع الضنكة التي يعيشها اللاجئون السوريون وعدم مقدرتهم على دفع إيجار منازلهم ولا فواتير الكهرباء وتقليل وجبات الطعام اليومية وعن قيمة المبالغ التي يتم اقتراضها من المجتمع المضيف فهذه الأمور منذ سنوات سابقة ونحن نحذر منها فكل الإشارات والدلائل كانت تشير إلى هذا المصير. تشير الأرقام والاحصائيات الآن إلى أن أغلب الدولة الغربية وخاصة دول الاتحاد الأوروبي التي هي داعم رئيسي لبرنامج الغذاء العالمي WFP وللمفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR تتجه بشكل مباشر لدعم الأزمة الأوكرانية حيث بلغ حجم الإنفاق الأوروبي خلال الأشهر الأربعة الأولى للأزمة على اللاجئين الأوكرانيين17 مليار دولار وبلغ عددهم ما يقارب عشرة ملايين لاجئ وهذا يعني بكل وضوح بأن الأولوية الآن للأزمة الأوكرانية وليس بالطبع السورية وخاصة وأن الأزمة السورية دخلت عامها الثاني عشر وفق دعاوى أممية ودولية بعودة اللاجئين إلى ديارهم . يقطن أغلب اللاجئين السوريين في تركيا والأردن ولبنان بشكل أساسي مع بعض الدول التي لا يشكل استضافة اللاجئين لها أعباء كبيرة حيث حسب الاحصائيات والأرقام المتداولة يقطن في تركيا 3.5 مليون لاجئ وفي لبنان 1.5 مليون لاجئ وفي الأردن 1.3 مليون لاجئ وتعيش الدول الثلاث التي تستضيف اللاجئين باستثناء تركيا أوضاع اقتصادية صعبة وبالتالي تكلفة استضافة اللاجئين فيها صعبة من الناحية الاقتصادية حيث وصل الإنفاق الأردني مثلا على اللاجئين أكثر من 15 مليار دولار. في تركيا يعيش اللاجئون في قلق مستمر على المصير النهائي لهم ففي الوقت الذي تقوم تركيا ببناء مدينة تستوعب مليون لاجئ على الحدود مع سوريا وفي الأراضي السورية لترحيل اللاجئين إليها بشكل طوعي تفرض الحكومة التركية بعض القيود على سكن وتنقل وعمل اللاجئين السوريين وهذا يسبب قلقاً متزايداً لدى اللاجئين ويزداد هذا القلق بسبب الانتخابات في العام القادم في تركيا وما هو شكل التعامل القادم مع اللاجئين بعد الانتخابات ومآلاتها يضاف إلى ذلك التقارب بين أنقرة ودمشق وبعض التفاهمات التي يتم الإعداد لها لترحيل أعداد من اللاجئين إلى دمشق وحمص وحلب وفق ترتيبات معينة تضمن عودة آمنة وطوعية للاجئين. في لبنان الأوضاع الاقتصادية والإنسانية صعبة جدا حيث يعيش لبنان أزمة اقتصادية خانقة في ظل عدم استقرار سياسي وهذا ينعكس بشكل سلبي على اللاجئين الذين لا يعرفون مصيرهم الآن. في الأردن يتصدر المشهد الاقتصادي الوضع، المفوضية دقت ناقوس الخطر الخزينة الأردنية تتحمل أعباء كبيرة، المنظمات الدولية أغلبها قلل أو أوقف مساعداته، مؤسسات المجتمع المدني يعمل أغلبها مع أبناء المجتمع المحلي. أكثر الخيارات المتداولة هي رغبة اللاجئين بإعادة التوطين في دولة ثانية وخاصة أوروبا أو أمريكا أو بعض دول آسيا. المشهد ضبابي والمصير مجهول والخيارات محدودة والموقف الإنساني في تراجع يومي واللاجئون هم من يتحمل أغلب التبعات فهل سيشهد العالم صحوة للضمير الإنساني من أجل إيجاد حل عادل وكريم يحفظ كرامة الجميع؟
اللاجئون السوريون والمصير المجهول
مدار الساعة ـ