وفدان من حركة حماس هبطا في العاصمة الروسية خلال أربعة أشهر، الأول ترأسه في ايار الماضي.. موسى أبو مرزوق/رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة. والثاني الذي قاده رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، حيث ما يزال الوفد الآن في موسكو, بعد ان أجرى الاثنين الماضي محادثات مع رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف.
وإذ بدا البيان الصادر عن الخارجية الروسية في شأن لقاء لافروف/هنية "عادياً" لم يأتِ بجديد لافت, أو أحدثَ اختراقا في ملف ما، خاصة عندما قال: إن "الجانب الروسي شدّد على أهمية الإسراع باستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية, وضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس القانون الدولي المُعترَف به عالمياً، استناداً - وفق البيان الروسي - إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأُمم المتحدة وكذلك مبادرة السلام العربية".فإن ما يلفت الانتباه في زيارة هنية هو عدم الاهتمام الإسرائيلي بهذه الزيارة, والذي تجسّد في تجاهل وسائل الإعلام الصهيونية لها, على عكس الزيارة التي قام بها وفد حماس الأول برئاسة موسى أبو مرزوق, والانتقادات اللاذعة التي وجّهتها تل أبيب الرسمية كما الإعلامية لهذه الزيارة, رغم أن نائب وزير الخارجية الروسي/بوغدانوف هو الذي استقبل أبو مرزوق, فيما كان لافروف هو مَن أجرى محادثات مع هنيّة المسؤول الأول في الحركة. إضافة بالطبع إلى أن زيارة أبو مرزوق تزامنت مع التوتر المتدحرج في العلاقات الإسرائيلية – الروسية, على خلفية اصطفاف تل أبيب إلى جانب الولايات المتحدة في موقفها من أوكرانيا, والتصريحات النارية التي أدلى بها وزير الخارجية الصهيوني/لبيد (وقتذاك), بأن "روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا"، ناهيك عن تصريح لافروف الذي أثار ضجة وانتقادات هائلة في صفوف اليهود والصهاينة وأتباعهم, عندما قال" إن "أكبر معادِ للسامية هم اليهود" (في معرض تعليقه على المزاعِم أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي "لا" يمكن أن يكون مُعادياً للسامية كونه يهودياً).ما علينا..لا جديد في علاقات موسكو بحركة حماس، خاصة أن روسيا لا تُصنف حركة حماس تنظيماً إرهابياً وهي ترى فيها حركة سياسية ذات تمثيل شعبي لا يمكن تجاهله, كما أنها سعت سابقا ومستعدة الآن للقيام بدور الوساطة بين فتح وحماس المتنافستين على كعكة السلطة المسمومة، إلا أن جهودها لم تفلح (تماماً كما غيرها من الوساطات العربية وآخرها تلك التي تقوم بها الجزائر "وقبلها مصر" وإن كانت الوساطة الجزائرية ما تزال قائمة, خاصة على أبواب انعقاد القمة العربية في أوائل تشرين الثاني القريب، ناهيك عن "المحاولة" التي قام بها الرئيس الجزائري/ تبون, عندما "نجحَ" في جمع رئيس السلطة/عباس ورئيس حركة حماس/هنية على هامش احتفالات الجزائر بعيد استقلالها الـ"60" تموز الماضي، لكنها محاولة لم يكتب لها النجاح, ما يؤشر من بين أمور أخرى إلى الهوّة الواسعة والعميقة بين موقفيّ الحركتين, بعد أن لم تعد مسألة "المصالحة" موجودة على جدول كل منهما, رغم كل ما يُقال وما يتم تسريبه سواء عن نية صادقة أم مجرّد بالون اختبار. في ظل تراجع الاهتمام العربي والإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية (دع عنك كل ما يصدر في التصريحات والبيانات والإعلانات, التي لا تستوقف أحداً أو تأتي بنتيجة تذكر, خاصة بروكسل ودائماً في واشنطن).ثمَّة تسريبات معظمها بل جُلِّها "فلسطينية", تتحدَّث عن مسعى جزائري لجمع وفديْن من حماس وفتح قبل انعقاد القمة العربية، وهو ما افصحت عنه مصادر فتحاوية كما حمساوية. إذ قيل إن وفداً من فتح برئاسة /حمود العالول سيغادر إلى الجزائر (دون تحديد وقت الزيارة), كما أن مصادر حمساوية تحدثت عن توجّه جزائري لجمع الفصائل الفلسطينية وبخاصة فتح وحماس, لبحث ملف المصالحة والعراقيل التي ما زالت تحول دون إنجازه.في السطر الأخير ثمَّة شكوك بأن المساعي الجزائرية ستُكلل بالنجاح، خاصة أن الحركتين المتنافِستان على الزعامة والامتيازات, لا تُبديان حماسة لمصالحة كهذه بل تتشبث كل منهما بمواقفها المتشددة. إذ تقول حماس إنها "سلّمت الجزائر ورقة شاملة حول رؤيتها للمصالحة, وتذهب إلى اتهام فتح ورئيس السلطة شخصياً بعدم الرغبة في المصالحة, وغياب أي نيات تشاركية لديهما، أما موقف السلطة/فتح فهو معروف في اشتراطهما على حماس الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية والتزامها.