محمد مناور العبادي*
اكثر من 3800 جمعية ومؤسسة مجتمع مدني وهيئة تطوعية وشركة تقول انها غير ربحية في المملكة، تتوق للحصول على التمويل الاجنبي، الذي اصبح اقصر واسرع الطرق للثراء، خاصة وان الدول المانحة تضخ سنويا رسميا قرابة المائة مليون دولار لدعم العديد منها.
ورغم اهمية هذه المؤسسات للأردن والأردنيين، الا ا نها ينبغي ان تعمل وفق انظمة وقوانين مالية صارمة، تحول دون ان يتحول بعضها سرا، الى اداة لنخر المجتمع من الداخل، والتمهيد لتدميره على رؤوس من فيه، بحجج واهية، كما حصل في الدول التي تعاني من الاضطرابات الداخليه والتمزق والفوضى والصراع المذهبي .
إلا ان هذا لا يعني ان تتصرف هذه المؤسسات، وفق اهداف لا ترتبط باهداف الدولة الاردنية ودستورها، اذ ان عليها ان لا تكون احيانا عونا للاجنبي لفرض اجندته، وبالتالي لي ذراع الدولة، لتحقيق مايريد تحت مظلة تعزيز الحريات العامه، وحقوق الانسان، وتحقيق الشفافية الحكومية، ونشرالثقافة، واقامة مراكز حفظ القران، وتمكين الشباب، والمرأة، والمعاقين، والاطفال، ومساعدة الفقراء،... الخ
كما ان ذلك لا يعني ان تتدفق المعونات على بعض المؤسسات المجتمعية، دون رقيب او حسيب على ايراداتها ونفقاتها ومشاريعها وبرامجها، ومدى انسجامها مع رؤى وتطلعات الاردن والاردنيين، وقيادته لبناء اردن افضل، يراعي ظروف الوطن السياسيه والاقتصاديه والامنيه وعقيدته السياسيه والدينيه
ومما يثير الحزن ان بعض هذه المؤسسات يكون هدفها من تنظيم اي مشروع ممول من جهة ما، ان تبرهن على صوابية آراء الممول، وان تؤكد مصداقيته، وان كل ما يجري في الاردن لا يرتقي الى المعايير الدولية، -كل ذلك - ليكسب المزيد من التمويل .
صديق اوروبي كشف لي النقاب عن دور مؤسسات المجتمع المدني في اية دولة نامية في صنع القرار السياسي للدول الممولة الغربية تجاه اي دولة تستهدفها، مؤكدا ان نتائج الندوات، وورش العمل، التي تقيمها بعض مؤسسات المجتمع المدني المحلي، يتم استغلالها سلبيا، لتمرير اجندة الدولة الغربيه في الدولة المستهدفة، تحت ذرائع حقوق الانسان والحريات ودعم وتمكين الشباب والمراه والمعاقين وحماية الوطن من الفساد.
لقد اخترقت العديد من اللوبيات الخارجية، باموالها العديد من الدول عبر مؤسسات المجتمع المدني، التي يعمل بعضها دون ان تقصد، لخدمة اللوبيات الغربيه، وتحقيق اهدافها المشبوهة ،في تقسيم وتفتيت المجتمعات، وزيادة حدة الصراعات الداخلية فيها، ونشر الفوضى، لتمرير مخططات سياسيه، تخدم اجندة هذه اللوبيات، وتتناقض تماما مع الاجندات الوطنيه للدول ذات العلاقه.
صحيح ان هناك بعض الرقابة الحكومية على تمويل بعض المؤسسات ...وصحيح ان العديد من هذه المؤسسات منضبطة تماما ، وتساهم فعلا مع الدولة في تحقيق الاهداف الوطنيه وتعمل علنا بالتنسيق الكامل مع الدولة وبوجود شريك احنبي يراقب نشاطاتها .
... لكن الاكثر صحة ان اية دولة في العالم لا يمكن ان تراقب بدقة قرابة اربعة الاف مؤسسة، وان تفرض سيطرتها على مواردها الماليه وطرق انفاقها، كما ا ن الغالبية العظمى من هذه المؤسسات خاصة الصغيرة منها - وغالبيتها العظمى صغيرة - تتلقى معونات لايمكن ضبطها .
هذه الحقائق المرة تضع صانع القرار الاردني امام طريقين لاثالث لهما : اما الفوضى وما قد ينجم عنها من تدمير مقومات المجتمع وامنه واستقراره وصلابته باسم الحريات ودعم مكونات المجتمع.
واما التدخل الرسمي المباشر للاشراف على القنوات الماليه الخارجية التي تدعمها وذلك من خلال الاقتراح الذي طرحة الدكتور موسى بريزات المفوض العام لحقوق الانسان في الاردن ، الذي لايشك احد بوطنيته ودعمه لمؤسسات المجتمع المدني الاردنية وضرورة تشجيعها لمواصلة اعمالها التي يراها بانها اساسيه ولا يمكن الاستغناء عنها
والاقتراح الذي طرحه الدكتور بريزات يقوم على مايلي:
فهل تتحرك الدولة لحماية المجتمع الاردني من ديناصورات التمويل الاجنبي التي لن تساعد في تحقيق الاصلاح الذي تعمل تحت يافطته، بل يعمل بعضها على تنفيذ اجندات خارجية تتناقض بالتاكيد مع الأجندات الوطنية للمملكة