انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

التمويل الأجنبي لمؤسسات المجتمع المدني.. ما له وما عليه؟

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/22 الساعة 19:12
الأردن,الاردن,ثقافة,اقتصاد,

محمد مناور العبادي*

اكثر من 3800 جمعية ومؤسسة مجتمع مدني وهيئة تطوعية وشركة تقول انها غير ربحية في المملكة، تتوق للحصول على التمويل الاجنبي، الذي اصبح اقصر واسرع الطرق للثراء، خاصة وان الدول المانحة تضخ سنويا رسميا قرابة المائة مليون دولار لدعم العديد منها.

ورغم اهمية هذه المؤسسات للأردن والأردنيين، الا ا نها ينبغي ان تعمل وفق انظمة وقوانين مالية صارمة، تحول دون ان يتحول بعضها سرا، الى اداة لنخر المجتمع من الداخل، والتمهيد لتدميره على رؤوس من فيه، بحجج واهية، كما حصل في الدول التي تعاني من الاضطرابات الداخليه والتمزق والفوضى والصراع المذهبي .

صحيح كما يقول الدكتور موسى بريزات المفوض العام لحقوق الأسان في الاردن ان لا تنمية سياسية او اجتماعية او ثقافية دون وجود مجتمع مدني، وان واجب الدولة تمكين مؤسسات المجتمع المدني، وخلق ظروف تساعدها لتحقيق اهدافها، مؤكدا في الوقت نفسه رفضه القاطع للتمويل الأجنبي لتحقيق اهداف وطنية لان هذه الاهداف منوطة بالدولة الاردنية لتحقيقها وفق اليات وشروط محدده مسبقا، وان على اي متبرع او مؤسسة مجتمع مدني تتلقى دعما ماليا خارجيا، ان تعمل لتحقيق هذه الاهداف من خلال الدولة و باشرافها المباشر سواء على التمويل او التنفيذ.

من هنا فان الدولة الاردنية وجميع القائمين على مؤسسات المجتمع المدني، يتفقون على اهمية وجود مثل هذه المؤسسات، بل وضرورة دعمها لانها الذراع الشعبية للدولة تساعدها في تنفيذ واجباتها تجاه مواطنيها.

إلا ان هذا لا يعني ان تتصرف هذه المؤسسات، وفق اهداف لا ترتبط باهداف الدولة الاردنية ودستورها، اذ ان عليها ان لا تكون احيانا عونا للاجنبي لفرض اجندته، وبالتالي لي ذراع الدولة، لتحقيق مايريد تحت مظلة تعزيز الحريات العامه، وحقوق الانسان، وتحقيق الشفافية الحكومية، ونشرالثقافة، واقامة مراكز حفظ القران، وتمكين الشباب، والمرأة، والمعاقين، والاطفال، ومساعدة الفقراء،... الخ

كما ان ذلك لا يعني ان تتدفق المعونات على بعض المؤسسات المجتمعية، دون رقيب او حسيب على ايراداتها ونفقاتها ومشاريعها وبرامجها، ومدى انسجامها مع رؤى وتطلعات الاردن والاردنيين، وقيادته لبناء اردن افضل، يراعي ظروف الوطن السياسيه والاقتصاديه والامنيه وعقيدته السياسيه والدينيه

ومما يثير الحزن ان بعض هذه المؤسسات يكون هدفها من تنظيم اي مشروع ممول من جهة ما، ان تبرهن على صوابية آراء الممول، وان تؤكد مصداقيته، وان كل ما يجري في الاردن لا يرتقي الى المعايير الدولية، -كل ذلك - ليكسب المزيد من التمويل .

صديق اوروبي كشف لي النقاب عن دور مؤسسات المجتمع المدني في اية دولة نامية في صنع القرار السياسي للدول الممولة الغربية تجاه اي دولة تستهدفها، مؤكدا ان نتائج الندوات، وورش العمل، التي تقيمها بعض مؤسسات المجتمع المدني المحلي، يتم استغلالها سلبيا، لتمرير اجندة الدولة الغربيه في الدولة المستهدفة، تحت ذرائع حقوق الانسان والحريات ودعم وتمكين الشباب والمراه والمعاقين وحماية الوطن من الفساد.

لقد اخترقت العديد من اللوبيات الخارجية، باموالها العديد من الدول عبر مؤسسات المجتمع المدني، التي يعمل بعضها دون ان تقصد، لخدمة اللوبيات الغربيه، وتحقيق اهدافها المشبوهة ،في تقسيم وتفتيت المجتمعات، وزيادة حدة الصراعات الداخلية فيها، ونشر الفوضى، لتمرير مخططات سياسيه، تخدم اجندة هذه اللوبيات، وتتناقض تماما مع الاجندات الوطنيه للدول ذات العلاقه.

صحيح ان هناك بعض الرقابة الحكومية على تمويل بعض المؤسسات ...وصحيح ان العديد من هذه المؤسسات منضبطة تماما ، وتساهم فعلا مع الدولة في تحقيق الاهداف الوطنيه وتعمل علنا بالتنسيق الكامل مع الدولة وبوجود شريك احنبي يراقب نشاطاتها .

... لكن الاكثر صحة ان اية دولة في العالم لا يمكن ان تراقب بدقة قرابة اربعة الاف مؤسسة، وان تفرض سيطرتها على مواردها الماليه وطرق انفاقها، كما ا ن الغالبية العظمى من هذه المؤسسات خاصة الصغيرة منها - وغالبيتها العظمى صغيرة - تتلقى معونات لايمكن ضبطها .

هذه الحقائق المرة تضع صانع القرار الاردني امام طريقين لاثالث لهما : اما الفوضى وما قد ينجم عنها من تدمير مقومات المجتمع وامنه واستقراره وصلابته باسم الحريات ودعم مكونات المجتمع.

واما التدخل الرسمي المباشر للاشراف على القنوات الماليه الخارجية التي تدعمها وذلك من خلال الاقتراح الذي طرحة الدكتور موسى بريزات المفوض العام لحقوق الانسان في الاردن ، الذي لايشك احد بوطنيته ودعمه لمؤسسات المجتمع المدني الاردنية وضرورة تشجيعها لمواصلة اعمالها التي يراها بانها اساسيه ولا يمكن الاستغناء عنها

والاقتراح الذي طرحه الدكتور بريزات يقوم على مايلي:

1- رفض التمويل الاجنبي لتحقيق أهداف وطنية
2- انشاء صندوق وطني يتلقى التبرعات والمنح من الدول ومن الشركات او الافراد المحليين
3- تقوم الدولة الاردنية بتوجيه أوجه الدعم من خلال هذا الصندوق بناء على الحاجة الفعلية للبرنامج المراد تنفيذه ووفق شروط رقابة ومتابعة دقيقة.

فهل تتحرك الدولة لحماية المجتمع الاردني من ديناصورات التمويل الاجنبي التي لن تساعد في تحقيق الاصلاح الذي تعمل تحت يافطته، بل يعمل بعضها على تنفيذ اجندات خارجية تتناقض بالتاكيد مع الأجندات الوطنية للمملكة


* صحفي وباحث .

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/22 الساعة 19:12