في معرض تبريره لمقترح حسبة الرواتب التقاعدية على أساس متوسط أجور المؤمّن عليه على مدار فترة اشتراكه، يضرب مدير عام الضمان مثالاً على متقاعد من ذوي الرواتب التقاعدية العالية بلغت قيمة الرواتب التي قبضها (1.3) مليون دينار، فيما بلغ مجموع اشتراكاته المدفوعة للضمان (145) ألف دينار، لكنه لم يفصح أن الراتب التقاعدي الذي حصل عليه هذا الشخص كان سابقاً للتعديل الذي أُدخل ضمن القانون رقم (1) لسنة 2014 والذي بموجبه تم وضع سقف للأجر الخاضع لاقتطاع الضمان وهو ثلاثة آلاف دينار مرتبطة بالتضخم سنوياً، الأمر الذي يحدّ من أي قفزات عالية في الأجور والرواتب الخاضعة للضمان كما يحد من الرواتب التقاعدية الباهظة التي تقاضاها عدد قليل جداً ومحدود من متقاعدي الضمان وفقاً للتشريعات السابقة، وباعتقادي فإن هذه المسألة قد حُسِمت وانتهت باستثناء العدد القليل أيضاً ممن احتفظوا بأجور عالية ما قبل تحديد سقف الأجر الخاضع للضمان، وهي فئة لا يُعوّل عليها ومن غير المقبول أن نعاقب الأغلبية العظمى من العمّال المشتركين بسبب فئة قليلة من أصحاب الأجور المرتفعة.
كما لم يفصح مدير الضمان بأن هذا المثال لا يمكن أن ينطبق على فئات كثيرة من مشتركي الضمان ومن ضمنهم فئة مشتركي الاختياري لكنهم سيكونون من أكثر مَنْ سيتأثّروا سلباً بالحسبة الجديدة بالرغم من أن الأنظمة تسمح لهم بزيادة أجورهم الافتراضية الخاضعة للضمان بنسبة (10%) سنوياً، فإذا كنّا نسمح لهم بهذه الزيادة فكيف نعاقبهم عند احتساب رواتبهم التقاعدية باعتماد متوسط كافة أجورهم عبر كل سنوات اشتراكهم، وما فائدة الارتفاع الطبيعي بأجورهم وضمن النسبة المتاحة قانوناً خلال السنوات الخمس أو الثلاث الأخيرة وقد دفعوا عنها الاشتراكات المترتبة عليهم كاملة..؟!ومن ناحية ثانية غاب عن ذهن مدير الضمان الصورة الأخرى المقابلة لحالات كثيرة لمؤمّن عليهم توفّاهم الله وخصّص لهم الضمان رواتب تقاعد الوفاة دون أن يصرف فعلياً أي دينار منها بسبب عدم وجود ورثة مستحقين، بالرغم من دفع اشتراكات قد تكون بعشرات الآلاف من الدنانير، لكن أحداً من ذويهم لم يستفد منها وأُدخلت ضمن النظام التكافلي للضمان..!كما أن المثال الذي ساقه مدير الضمان لم يبين المدة أو عدد الرواتب التقاعدية التي حصل عليها المتقاعد في الحالة المذكورة، ولأن الأعمار بيد الله، فهناك من يتقاضى رواتب تقاعدية لفترات طويلة قد تتجاوز (35) عاماً، ومن الطبيعي هنا أن يصل مجموع ما تقاضاه إلى أكثر من ثمانية أو عشرة أضعاف مجموع اشتراكاته المدفوعة للضمان، وبالمقابل هناك من يتقاضى رواتب تقاعدية لمدة قصيرة جداً قد تمتد لأشهر أو سنوات قليلة ويتوفّاه الله وليس لديه ورثة مستحقون وغالباً ما يكون مجموع ما حصل عليه من رواتب أقل بكثير من مجموع اشتراكاته..!من جانب ثالث مهم، لا بد من الإشارة إلى أن طريقة الاحتساب والمقارنة بين مبالغ الاشتراكات المدفوعة والرواتب المقبوضة بالصورة التي يطرحها مدير الضمان خاطئة كونها لم تأخذ بعين الاعتبار العائد على استثمار مبالغ الاشتراكات المدفوعة للضمان، كما أنها تجاهلت تماماً الفارق الزمني الطويل بين دفع الاشتراكات وقبض الرواتب التقاعدية (time value of money)مما سبق يتبين أن طرح أمثلة كهذه لا يقدّم الحقيقة بصورتها الكاملة والشاملة وإنما هي أمثلة مجتزأة ومنتقاة ولا يمكن أن تعكس واقع الحال بوضوح، كما أنها تُغيِّب جانباً مهمّاً من الصورة الكلية لمشهد وواقع متقاعدي الضمان، وهو ما يقتضي أن تقوم مؤسسة الضمان بالرد على المثال الذي قدّمه مديرها العام عبر منصة الرد على المعلومات غير الصحيحة والاشاعات لإجلاء الصورة للناس بكامل تفاصيلها وبمنتهى الشفافية والوضوح.!
الصبيحي يرد على المثال الذي قدّمه مدير الضمان..
موسى الصبيحي
إعلامي وحقوقي وخبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الصبيحي يرد على المثال الذي قدّمه مدير الضمان..
موسى الصبيحي
إعلامي وحقوقي وخبير التأمينات والحماية الاجتماعية
إعلامي وحقوقي وخبير التأمينات والحماية الاجتماعية
مدار الساعة ـ