لم تكن جريمة القتل العمد التي وقعت على «منار الهواري» وطفلتها «خضرة» وجرح الابنة الصغيرة «مريم» الاثنين الماضي في مدينة اللدّ العربية، مجرد جريمة عابرة، بل هي حلقة ليست الأخيرة في مسلسل جرائم القتل في البلدات العربية تحت الاحتلال الإسرائيلي، فالهواري تعرضت لإطلاق النار عليها وهي تقود سيارتها عائدة من المستشفى بعد علاج طفلتها، من قبل ما أصبح مجرماً مجهولاً وسيبقى مجهولاً، كما نقلت الصحف العبرية، وهذا يقودنا الى فحص المجتمع العربي تحت الجنسية الإسرائيلية، ويعيش في ظل نظام فصل عنصري لا يقيم وزناً للجمهور العربي، الذي باتت جرائم القتل تفتك بالرجال والنساء والأطفال أسبوعيا ويومياً فيه دون تمييز.
في إحصائية، قد لا تكون الأخيرة، فإن 72 جريمة قتل وقعت منذ بداية هذا العام، من بينها تسع جرائم قتل ضد النساء فضلا عن أطفال، وهذا العدد قابل للارتفاع مقارنة مع الأعوام السابقة التي كانت تصل جرائم القتل الى أعلى من ثمانين جريمة قتل سنوياً، وتستثني الإحصائيات الجرائم في مدينة القدس والجولان المحتل، وكل هذا تحت بصر وسمع سلطات الاحتلال التي تتقاعس عن التدخل المبدئي وتترك التحقيقات مفتوحة الى أشهر أو سنوات، رغم أن الجميع يعلم من هم القتّلة المنخرطون في العصابات الإجرامية في الوسط العربي التي استفحلت شرورها، وتنال النساء والأطفال جزءاً واسعا من تلك الجرائم، ولا أحد يفسر ما يحدث خشية الانتقام.قبل مقتل الهواري وطفلتها بيومين قتل الصحافي نضال إغبارية على يد عصابات الإجرام العربي، بعد تهديدات وإطلاق نار على منزلة منذ عام، ولم تفعل الشرطة الإسرائيلية أي تحرك، وقبل ذلك قتلت زوجات مطلقات، وأبشع من ذلك قتل شقيق لشقيقه من أجل المال، وهذه لم تعد ظاهرة بل أمرّ واقع، يستدعي من الجمهور العربي التكاتف وتشكيل تحالف سلمي لمنع تلك الظاهرة الشنيعة، وكأن الأخوة الأعداء يعيشون في جزيرة الوحوش، بل هي فعلا جزيرة المتوحشين، فالسلطات الإسرائيلية لا تحرك ساكنا عندما يُقتل عربي، بينما تهب الحكومة والشرطة ومراكز التخابر للوصول في أسرع وقت عندما يطلق الرصاص على إسرائيلي يهودي، فيما العرب، مسلمين ومسيحيين، لا يهتم لمقتلهم أحد، وتتحرك قوات حربية مدججة بالأسلحة والصواريخ الى جنين لتقتل أو تعتقل فلسطينيا واحداً دون أن يردعهم أحد.من يظن أن المجتمع الإسرائيلي مجتمع مسالم فهو واهم، فالعصابات تعج بها من جميع الجنسيات التي جاءت من أصول شرق أوروبية، ومن الولايات المتحدة، بل سمحت السلطات الإسرائيلية لأخطر زعيم عصابات الدخول أخيرا ليقضي ما تبقى له من العمر في بلاد العرب الذين لا يدافع بعضهم عن حقهم التاريخي، وتجارة المخدرات والجنس المستقدم من دول أخرى وغسل الأموال وتجارة الماس الممنوع وغيرها من المحظورات يجده العربي أمامه منذ نشأته، وهذا ما يدفع كثير من الشباب العربي الى الميوعة والانسلاخ عن المجتمع العربي والدرزي المتمتع بالأخلاق الحميدة والتكافل.أتابع ما يجري في الجانب الغربي من نهر الأردن، ورغم أن السلاح متوافر بين عديد من الرجال الفلسطينيين في الضفة الغربية، فمن النادر أن تقع جريمة بشعة كما يحدث في الوسط العربي تحت الحكم الإسرائيلي في اللد والرملة وبقية من بلدات عربية، فأبناء الضفة الغربية كما نسميها ما زالوا على قيد المقاومة والتكافل ولم تلوثهم العقلية الصهيونية والتخلي عن القيّم الرفيعة، ومع ذلك بدأت تتسلل ظاهرة العنف المجتمعي هناك التي تؤدي أحيانا الى ارتكاب جرائم قتل لا يستطيع أحد حلها.من قتل منار الهواري وطفلتها وقبلهما من نساء وأطفال ورجال أبرياء هي سلطات الاحتلال التي تسمح بالفوضى الخبيثة في الوسط العربي، وتدعم النزاعات العائلية وتزرع الفتنة بينهم وتترك عصابات إجرامية تمارس القتل والخطف، ثم تتظاهر بأنها الدولة الديمقراطية والآمنة في الشرق الأوسط، ومن هنا فإن على السلطات الأردنية أن تدقق جيدا بخلفيات أي مشتبه به يأتي من وراء الخط الأخضر، فإن كان الخطر علينا من الشمال، فهناك خطر قد يأتي يوما من الغرب يحمله مجرم شاذ يحمل جنسية غير عربية وينتظر التحية لمقدمه، ومع هذا لا يسمع الجمهور في الوطن العربي عن تلك المصائب التي ابتلي بها من بقوا تحت المسخ الاحتلالي، رغم وجود فئة لا بأس بها من الجمهور الإسرائيلي الذي يدافع عن الحقوق العربية.Royal430@hotmail.com
من قتل 'منار الهوارّي' وطفلتها؟!
مدار الساعة (الرأي) ـ