تماماً مثل الأوامر التغييرية في المشاريع والمقاولات التي خاض فيها من خاض، منهم من اعتبرها فساداً، ومنهم من قال إنها سوء تقدير لكنها لا شك تسبب إشكالات وأضراراً كثيرة.. فإن التغيير المفاجئ في القرارات والأنظمة والتعليمات له ذات النتائج.
آلية صنع القرار ما زالت غريبة وعجيبة فهي تمر عبر لجان ويدلو اعضاء هذه اللجان بدلوهم في اجتهادات تخصهم بتفسير القوانين والتعليمات والانظمة التي لا تحصى والتي فيها من التناقض والتشابك ما فيها والضحية صاحب المصلحة أو المشروع او صاحب الحاجة.بعض الوزراء والمسؤولون سريعون في تغيير قراراتهم وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء ولان العملية طويلة ومعقدة يرضخ المتضرر ولا حول ولا قوة الا بالله ما عدا العبء الذي يسند الى المحاكم حتى ان بعض المسؤولين يفضلون ازاحة المشاكل الى القضاء كافضل ما يمكنه فعله ليرتاح من تحمل المسؤولية.هذا يتجاوز ما يسمى بالبيروقراطية والروتين وهو أسوأ من التردد في إتخاذ القرار وتعطيل المشاريع.هل ما سبق يصنف باعتباره فسادا اداريا او سوء ادارة او هروبا من المسؤولية ام عدم ثقة بالقرارات المتخذة ام ضعفاً.. الامر يحتاج الى تفسير لكن من تنطبق عليه هذه المواصفات لا يجب ان يحمل مسؤولية!في ذات السياق، لا علاقة بين البيروقراطية والتحصين ضد الفساد, كما أن لا علاقة بين سرعة إتخاذ القرار والوقوع في الخطأ فهذه النظرية ما هي الا شماعة يتعلق بها كل مسؤول يفضل «تجميد» العمل خوفاً من الاتهام أو على طريقة سكن تسلم.عشرات القرارات والمشاريع المعطلة على مكاتب بعض المسؤولين والسبب التردد في اتخاذ القرار خشية الوقوع في شبهة الاتهام بتداخل المصالح أو المحاباة والثمن تعطيل مصالح الناس.وإن كان هؤلاء المسؤولون لا يعلنون، صراحة، الأسباب الحقيقية التي تقف وراء رغبتهم في تأجيل البت في المشاريع، إلا أن أصحاب هذه المشاريع لا يحتاجون الى كثير جهد لتلمس الأسباب وهي الخوف من اتخاذ القرار.محاربة الفساد واجتثاثه أولوية لكن الحماسة والجهد الكبيرين للوصول الى اقتصاد نظيف من آفة الفساد لا يجب أن يمنع من التحذير بأن محاربة الفساد لا تعني تردد المسؤول في إتخاذ القرار.ما هي المصلحة من تعطيل أعمال الناس مواطنين ومستثمرين بحجج وذرائع غير منطقية، هذا فيه تضييع لفرص كبيرة ينتظرها الأردن لاستقطاب استثمارات محلية وخارجية, وفرصة أكبر لحفز المدخرات الوطنية بتحريك مشاريع يرغب رجال أعمال أردنيون في تنفيذها.من المهم ان تولي منظومة الإصلاح الإداري اولوية التصدي لهذه المشكلة، وكان يجب أن يضاف لمن يترشح لتولي المسؤولية اختبار يقيس قوة الشخصية والصرامة في اتخاذ القرار.qadmaniisam@yahoo.com