اقتراح القائمة الحزبية لم يكن وليد اللحظة، فقد اقتُرح عام 2011 ضمن مشروعٍ تحديثي تحت عنوان: خارطةُ طريق لبناء أحزاب سياسية فاعلة، وحمل نفس المبادئ التي وردت في قانون الانتخاب الذي صدر في مخرجات لجنة التحديث السياسي عام 2022، وكان لهذا الطرح مسوغات رئيسة عميقة تطال آليات تحديث الحياة الحزبية وتفعليها على اعتبارها ركناً أساسياً في النظام الديمقراطي البرلماني.
وجاء هذا الاقتراح رداً على سؤال طرحه جلالة الملك عبر الإعلام وفي مناسبات أخرى، كيف يمكن أن نبني أحزاباً قوية كمؤسسات ديمقراطية فاعلة نتجاوز بها حالة الجمود الحزبية، وانتشار الأحزاب التي تفتقد للقواعد التصويتية الكافية لوصولها إلى البرلمان.كل هذه الأسباب والغايات دفعتنا عام 2011، أي قبل عقد من الزمن للتفكير خارج الصندوق والبحث عن حلول حتى لو كانت استثنائية وغير دارجة في الحياة السياسية وفي تجارب الدول، فكان التفكير بالقائمة الحزبية التي كنا نعلم أنها أقرب لنظام الكوتا، إلا أنه تم اعتبارها خطوة استثنائية في مرحلة انتقالية غايتها تحديث الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية.إذاً كنا نفكر بالغايات أولاً ومن ثم نبحث عن الآليات؛ فما هي هذه الغايات وما هي الأهداف المنشودة حتى نغامر ونتخذ خطوة استثنائية كهذه؟- بناء أحزاب سياسية تعددية فاعلة كمؤسسات ديمقراطية تعتمد الآليات الديمقراطية في جميع مسالكها وقراراتها وخياراتها. أحزاب تقوم على الوسائل الديمقراطية لتخرجنا من حالة العرج في الحياة الحزبية وهيمنة الفردية.- تعزيز بناء أحزاب سياسية كبيرة تعكس التنوع الرئيس في المجتمع خلال فترة من عامين إلى أربعة أعوام.- تقليل فرص قيام أحزاب سياسية تستند إلى العوامل الدينية أو الوراثية كالأسرة والقبيلة والمدينة وغيرها من التفريعات مقابل نشوء أحزاب تقوم على أسس حداثية تسهم في تعزيز الحياة الديمقراطية وبناء مجتمع مدني فاعل.- زيادة فرص قيام أحزاب سياسية فاعلة تعكس توازناً نسبياً في إطار التعددية الحزبية والسياسية دون إمكانية هيمنة حزب واحد.- الوصول إلى برلمان فاعل يستند إلى الكتل والبرامج الحزبية للتأسيس للحكومات البرلمانية.هذه هي الغايات والأهداف التي شكلت الدافع الرئيسيّ للأخذ بفكرة القائمة الحزبية بشكل استثنائي، ولم تكن الغاية إعادة إنتاج حزب الرجل الواحد او الشلة، أو إعطاء مجموعة من الأشخاص حق التصرف بثلث المقاعد البرلمانية.نقول ذلك لأنه لم يرد في قانون الانتخاب ولا في قانون الأحزاب أي نص على آلية ديمقراطية لتشكيل القائمة الانتخابية للأحزاب، مما يعني عملياً وعلى أرض الواقع أنه سيتم التحكم فيها وفي تشكيلها بطرق فردية بعيداً عن الوسائل والغايات الديمقراطية التي كانت أحد الأهداف من وراء هذه القائمة.بمعنى آخر « كأنك يا بو زيد ما غزيت».- ملاحظة: في المقالات اللاحقة سننشر مقترح عام 2011 الذي حمل عنوان: خارطة طريق لبناء أحزاب سياسية فاعلة، عبر حلقات.
القائمة الحزبية؟!.. (كانك يا بو زيد ما غزيت!)
مدار الساعة (الدستور) ـ